للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الظن إذ إنه لم يثبت في ذلك خبر ولا أثر، ولئن سلمنا أن هذه المدة محسوبة من أجزاء النبوة لكنه يلحق بها سائر الأوقات التي كان يوحى إليه فيها منامًا في طول المدة كما ثبت كالرؤيا في أحد ودخول مكة وحينئذ فيتلفق من ذلك مدة أخرى تزاد في الحساب فتبطل القسمة التي ذكرها. وأجيب: بأن المراد وحي المنام المتتابع كما وقع في غضون وحي اليقظة فهو يسير بالنسبة إلى وحي اليقظة فهو مغمور في جانب وحي اليقظة فلم يعتبر به اهـ.

وأما حصر العدد في السنّة والأربعين فقال المازري هو مما أطلع الله عليه نبيه وقال ابن العربي: أجزاء النبوة لا يعلم حقيقتها إلا نبي أو ملك وإنما القدر الذي أراد أن يبينه أن الرؤيا جزء من أجزاء النبوة في الجملة لأن فيها إطلاعًا على الغيب من وجه ما وأما تفصيل النسبة فيختص بمعرفته درجة النبوة. وقال المازري أيضًا: لا يلزم العالم أن يعرف كل شيء جملة وتفصيلاً فقد جعل الله حدًّا يقف عنده فيه ما يعلم المراد به جملة وتفصيلاً، ومنه ما يعلمه جملة لا تفصيلاً وهذا من هذا القبيل. وفي مسلم من حديث أبي هريرة جزء من خمسة وأربعين، وله أيضًا عن ابن عمر جزء من سبعين جزءًا، وللطبراني عنه جزء من ستة وسبعين وسنده ضعيف، وعند ابن عبد البر من طريق عبد العزيز بن المختار عن ثابت عن أنس مرفوعًا: جزء من ستة وعشرين، وعند الطبري في تهذيب الآثار عن ابن عباس جزء من خمسين، وللترمذي من طريق أبي رزين العقيلي جزء من أربعين، وللطبري من حديث عبادة جزء من أربعة وأربعين والمشهور ستة وأربعين.

قال في الفتح ويمكن الجواب عن اختلاف الأعداد أنه بحسب الوقت الذي حدث فيه بذلك كأن يكون لما أكمل ثلاث عشرة سنة بعد مجيء الوحي إليه حدث بأن الرؤيا جزء من ستة وعشرين إن ثبت الخبر بذلك وذلك وقت الهجرة ولما أكمل عشرين حدث بأربعين ولما أكمل اثنتين وعشرين حدث بأربعة وأربعين ثم بعدها بخمسة وأربعين ثم حدث بستة وأربعين في آخر حياته، وأما ما عدا ذلك من الروايات بعد الأربعين فضعيف ورواية الخمسين تحتمل أن تكون لجبر الكسر ورواية السبعين للمبالغة وما عدا ذلك لم يثبت اهـ.

وقلما يصيب مؤوّل في حصر هذه الأجزاء، ولئن وقع له الإصابة في بعضها لما تشهد له الأحاديث المستخرج منها لم يسلم له ذلك في بقيتها والتقييد بالصالح جرى على الغالب فقد يرى الصالح الأضعاث، ولكنه نادر لقلة تمكن الشيطان منه بخلاف العكس وحينئذ فالناس على ثلاثة أقسام: الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ورؤياهم كلها صدق وقد يكون فيها ما يحتاج إلى تعبير، والصالحون والأغلب على رؤياهم الصدق وقد يقع فيها ما لا يحتاج إلى تعبير ومن عداهم يكون في رؤياهم الصدق، والأضعاث وهم على ثلاثة مستورون فالغالب استواء الحال في حقهم وفسقة والغالب على رؤياهم الأضغاث ويقل فيها الصدق وكفار ويندر في رؤياهم الصدق جدًّا قاله المهلب فيما ذكره في الفتح.

<<  <  ج: ص:  >  >>