للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والشرك، والمراد شربة المحرم وعطفه على أهل الفساد من عطف الخاص على العام (لقوله تعالى: ﴿ودخل معه﴾) أي مع يوسف (﴿السجن فتيان﴾) عبدان للملك الوليد بن ريان ملك مصر الأكبر أحدهما خبازه والآخر شرابيه للاتهام بأنهما يريدان أن يسماه (﴿قال أحدهما﴾) هو الشرابي واسمه نبؤ وقيل هو لبيس (﴿إني أراني﴾) في المنام (﴿أعصر خمرًا﴾) عنبًا تسمية له بما يؤول إليه وقرأها ابن مسعود: إني أراني أعصر عنبًا (﴿وقال الآخر﴾) وهو الخباز مخلث بالخاء المعجمة وبعد اللام مثلثة وقيل راشان (﴿إني أراني﴾) في المنام (﴿أحمل فوق رأسي خبزًا تأكل الطير منه﴾) تنهش منه (﴿نبئنا﴾) أخبرنا (﴿بتأويله﴾) بتفسيره وتعبيره وما يؤول إليه (﴿إنا نراك من المحسنين﴾) الذين يحسنون عبارة الرؤيا وتأويله أن الأنبياء يخبرون عما سيكون والرؤيا تدل على ما سيكون (﴿قال لا يأتيكما طعام ترزقانه﴾) في نومكما (﴿إلاّ نبأتكما بتأويله﴾) في اليقظة (﴿قبل أن يأتيكما﴾) أو لا يأتيكما في اليقظة طعام ترزقانه من منازلكما ترزقانه تطعمانه وتأكانه إلا أخبرتكما بقدره ولونه والوقت الذي يصل إليكما قبل أن يصل وأي طعام أكلتم ومتى أكلتم وهذا مثل معجزة عيسى حيث قال: وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم (﴿ذلكما﴾) التأويل والإخبار بالمغيبات (﴿مما علمني ربي﴾) بالإلهام والوحي ولم أقله عن تكهن وتنجم (﴿إني تركت ملّة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون﴾) يحتمل أن يكون كلامًا مبتدأ وأن يكون تعليلاً لسابقه أي علمني ذلك لأني تركت ملّة أولئك الكفار (﴿واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب﴾) وهي الملة الحنيفية وذكر الآباء ليعلمهما أنه من بيت النبوّة لتقوي رغبتهما في الاستماع إليه، والمراد الترك ابتداء لا أنه كان فيه، ثم ترك يقول هجرت طريق الكفر والشرك وسلكت طريق آبائي المرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وهكذا يكون حال من سلك طريق الهدى واتّبع طريق المرسلين، وأعرض عن الضالين فإنه يهدي قلبه ويعلمه ما لم يكن يعلم ويجعله إمامًا يهتدي به في الخير وداعيًا إلى سبيل الرشاد (﴿ما كان لنا﴾) ما صح لنا معاشر الأنبياء (﴿أن نشرك بالله من شيء﴾) أي شيء كان صنمًا أو غيره (﴿ذلك﴾) أي التوحيد (﴿من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون﴾) فضل الله تعالى فيشركون به ولا ينتهون ثم دعاهما إلى الإسلام وأقبل عليهما وكان بين أيديهما أصنام يعبدونها من دون الله فقال إلزامًا للحجة (﴿يا صاحبي السجن﴾) يا ساكنيه أو يا صاحبي فيه وأضافهما إليه على الاتساع (﴿أأرباب متفرقون﴾) شتى متعددة متساوية.

(وقال الفضيل) بن عياض (لبعض الأتباع يا عبد الله) ولأبي ذر وقال الفضيل عند توله: يا صاحبي السجن (﴿أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار﴾) الذي ذل كل شيء لعز جلاله وعظيم سلطانه ولا يغالب ولا يشارك في الربوبية (﴿ما تعبدون﴾) خطاب لهما ولمن كان على دينهما من أهل مصر (﴿من دونه﴾) تعالى (إلاَّ أسماء) لا حقيقة لها (﴿سميتموها أنتم وآباؤكم﴾) آلهة ثم طفقتم تعبدونها فكأنكم لا تعبدون إلا الأسماء لا مسمياتها (﴿ما أنزل الله بها﴾) بتسميتها (﴿من سلطان﴾) حجة (﴿إن الحكم﴾) في أمر العبادة والدين (﴿إلا لله أمر﴾) على

<<  <  ج: ص:  >  >>