وبالسند إلى المؤلف قال:(حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي المنزل الدمشقي الأصل المتوفى سنة ثمان عشرة ومائتين وفي يوسف تثليث السين مع الهمز وتركه ومعناه بالعبرانية جميل الوجه، (قال: أخبرنا مالك) هو ابن أنس الأصبحيّ إمام دار الهجرة بل إمام الأئمة المتوفى سنة تسع وسبعين ومائة، (عن هشام بن عروة) بن الزبير بن العوام القرشي التابعي المتوفى سنة خمس وأربعين ومائة ببغداد (عن أبيه) أبي عبد الله عروة المدني أحد الفقهاء السبعة المتوفى سنة أربع وتسعين (عن عائشة) بالهمز وعوام المحدّثين يبدلونها ياء (أم المؤمنين ﵂) قال الله تعالى: ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ [الأحزاب: ٦] أي في الاحترام والإكرام والتوقير والإعظام وتحريم نكاحهن لا في جواز الخلوة والمسافرة وتحريم نكاح بناتهن، وكذا النظر في الأصح. وبه جزم الرافعي وإن سمى بعض العلماء بناتهنّ أخوات المؤمنين كما هو منصوص الشافعي في المختصر فهو من باب إطلاق العبارة لا إثبات الحكم، قال في الفتح: وإنما قيل للواحدة منهن أم المؤمنين للتغليب وإلا فلا مانع من أن يقال لها أم المؤمنات على الراجح، وحاصله أن النساء يدخلن في جمع المذكر السالم تغليبًا، لكن صح عن عائشة ﵂ أنها قالت: أنا أم رجالكم لا أم نسائكم، قال ابن كثير: وهو أصح الوجهين والله أعلم، وتوفيت عائشة بنت أبي بكر الصديق بعد الخمسين إما سنة خمس أو ست أو سبع أو ثمان في رمضان، وعاشت خمسًا وستين سنة وتوفي عنها رسول الله ﷺ وهي بنت ثماني عشرة، وأقامت في صحبته تسع، وقيل ثمان سنين وخمسة أشهر، ولعائشة في البخاري مائتان واثنان وأربعون حديثًا. (أن الحرث بن هشام) بغير ألف بعد الحاء في الكتابة تخفيفًا، المخزومي أحد فضلاء الصحابة ممن أسلم يوم الفتح المستشهد في فتح الشام سنة خمس عشرة (﵁ سأل رسول الله ﷺ) يحتمل أن تكون عائشة حضرت ذلك فيكون من مسندها، وأن يكون الحرث أخبرها بذلك فيكون من مرسل الصحابة وهو محكوم بوصله عند الجمهور، (فقال: يا رسول الله كيف يأتيك الوحي)؟ أي صفة الوحي نفسه أو صفة حامله أو ما هو أعم من ذلك، وعلى كل تقدير فإسناد الإتيان إلى الوحي مجاز لأن الإتيان حقيقة من وصف حامله، (فقال رسول الله ﷺ) بالفاء قبل القاف، ولأبوي ذر والوقت وابن عساكر قال رسول الله ﷺ(أحيانًا) أي أوقاتًا وهو نصب على الظرفية وعامله (يأتيني) مؤخر عنه أي يأتيني الوحي إتيانًا (مثل صلصلة الجرس) أو حالاً، أي يأتيني ْمشابّها صوته صلصلة الجرس وهو بمهملتين مفتوحتين بينهما لام ساكنة والجرس بالجيم والمهملة الجلجل الذي يعلق في رؤوس الدواب، قيل: والصلصلة المذكورة صوت الملك بالوحي، وقيل: صوت حفيف أجنحة الملك. والحكمة في تقدمه أن يقرع سمعه الوحي فلا يبقى فيه متسع لغيره (وهو أشده عليّ) وفائدة هذه الشدة ما يترتب على المشقة من زيادة الزلفى ورفع الدرجات (فيفصم عني) الوحي والملك، بفتح المثناة التحتية وسكون الفاء وكسر المهملة، كذا لأبي الوقت من فصم