المرجح والمقتضي لهذا التأويل حينئذ أن السواك مندوب إليه، ومن يرى أن المندوب غير مأمور به لا يحتاج إلى هذا التأويل لأن الأمر هو الإيجاب عنده. وزاد في رواية أخرى عند كل صلاة والسر في ذلك أن يخرج القرآن من فيه وفوه طيب لأنه إذا قام يصلّي قام الملك خلفه يسمع قراءته فلا يزال عجبه بالقرآن يدنيه حتى يضع فاه على فيه فما يخرج من فيه شيء من القرآن إلا صار في جوف ذلك الملك كما رواه البزار مرفوعًا من حديث عليّ بإسناد حسن والملائكة تتأذى من الرائحة الكريهة.
(تابعه سليمان بن مغيرة) القيسي البصري فيما وصله مسلم من طريق أبي النضر عنه (عن ثابت) البناني (عن أنس عن النبي ﷺ) وفي الفرع كأصله علامة سقوط هذه المتابعة في رواية أنس. وقال في الفتح إنها ثابتة هنا في نسخة الصغاني قال: وهو خطأ والصواب ما وقع عند غيره ذكرها عقب حديث أنس المذكور عقبه.
وبه قال:(حدّثنا عياش بين الوليد) بالتحتية المشددة والشين المعجمة الرقام البصري قال: (حدّثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى السامي البصري قال: (حدّثنا حميد) الطويل (عن ثابت) البناني (عن أنس ﵁) أنه (قال: واصل النبي ﷺ) لم يأكل ولم يشرب وقت الإفطار (آخر الشهر) أي شهر رمضان (وواصل) معه (أناس) بضم الهمزة أي ناس والتنوين للتبعيض (من الناس فبلغ) ذلك (النبي ﷺ فقال):
(لو مدّ بي الشهر) بضم الميم وتشديد الدال المهملة مبنيًّا للمفعول وبي جار ومجرور ولأبي ذر مدني بفتح الميم والدال المشددة بعدها نون وقاية وجواب لو قوله (لواصلت) بهم (وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم) بضم العين من يدع وفتحها في الأخريين من قولهم تعمق في كلامه أي تنطع. فإن قلت: الجملة الواقعة بعد النكرة هنا صفة لها ولا رابط فكيف وجهه؟ أجيب: بأنه محذوف للقرينة الحالية أي وصالاً يترك لأجله المتنطعون تنطعهم (إني لست مثلكم إني أظل) أصير حال كوني (يطعمني ربي ويسقيني) طعامًا وشرابًا من الجنة لا يقال إنه إذا كان يطعم ويسقى فليس مواصلاً لأن المحضر من الجنة لا يجرى عليه أحوال المكلفين أو هو مجاز عن لازم الطعام والشراب وهو القوّة فكأنه قال يعطيني قوّة الآكل والشارب.