وبه قال:(حدّثنا خالد بن مخلد) القطواني الكوفي قال: (حدّثنا سليمان بن بلال) أبو محمد مولى الصديق قال: (حدّثني) بالإفراد (عبد الله بن دينار) المدني مولى ابن عمر (عن ابن عمر ﵄ عن النبي ﷺ) أنه (قال):
(مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله) أي أنه تعالى يعلم ما غاب عن العباد من الثواب والعقاب والآجال والأحوال جعل للغيب مفاتيح على طريق الاستعارة لأن المفاتيح يتوصل بها إلى ما في المخازن المستوثق منها بالإغلاق والإقفال، ومن علم مفاتيحها وكيفية فتحها توصل إليها فأراد أنه المتوصل إلى المغيبات المحيط علمه بها لا يتوصل إليها غيره فيعلم أوقاتها وما في تعجيلها وتأخيرها من الحكم فيظهرها على ما اقتضته حكمته وتعلقت به مشيئته، وفيه دليل على أنه تعالى يعلم الأشياء قبل وقوعها والحكمة في كونها خمسًا الإشارة إلى حصر العوالم فيها فأشار إلى ما يزيد في النفس وينقص بقوله:(لا يعلم ما تغيض الأرحام إلاَّ الله) أي ما تنقصه يقال غاض الماء وغضته أنا وما تزداد أي ما تحمله من الولد على أي حال هو من ذكورة وأنوثة وعدد فإنها تشتمل على واحد واثنين وثلاثة وأربعة، أو جسد الولد فإنه يكون تامًّا ومخدجًا أو مدة الولادة فإنها تكون أقل من تسعة أشهر وأزيد عليها إلى أربع عند الشافعي، وإلى سنتين عند الحنفية، وإلى خمس عند مالك، وخص الرحم بالذكر لكون أكثر يعرفونها بالعادة، ومع ذلك نفى أن يعرف أحد حقيقتها نعم إذا أمر بكونه ذكرًا أو أنثى أشقيًا أو سعيدًا علم به الملائكة الموكلون بذلك ومن شاء الله من خلقه.
وأشار إلى أنواع الزمان وما فيها من الحوادث بقوله:(ولا يعلم ما في غد) من خير وشر وغيرهما (إلاّ الله) وعبّر بلفظ غد لأن حقيقته أقرب الأزمنة وإذا كان مع قربه لا يعلم حقيقة ما يقع فيه فما بعده أحرى.
وأشار إلى العالم العلوي بقوله:(ولا يعلم متى يأتي المطر) ليلاً أو نهارًا (أحد إلا الله) نعم إذا أمر به علمته الملائكة الموكلون به ومن شاء الله من خلقه.
وأشار إلى العالم السفلي بقوله:(ولا تدري نفس بأيّ أرض تموت إلا الله) أي أين تموت، وربما أقامت بأرض وضربت أوتادها. وقالت: لا أبرح منها فترمي بها مرامي القدر حتى تموت