في مكان لم يخطر ببالها كما روي أن ملك الموت مرّ على سليمان بن داود ﵉ فجعل ينظر إلى رجل من جلسائه يديم النظر إليه فقال الرجل: من هذا؟ فقال: ملك الموت. فقال: كأنه يريدني فمرّ الريح أن تحملني وتلقيني بالهند ففعل فقال ملك الموت: كان دوام نظري تعجبًا منه إذ أمرت أن أقبض روحه بالهند وهو عندك.
وفي الطبراني الكبير عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله ﷺ: "ما جعل الله منية عبد بأرض إلا جعل له فيها حاجة وإنما جعل العلم لله والدراية للعبد" لأن في الدراية معنى الحيلة، والمعنى أنها أي النفس لا تعرف وإن أعملت حيلتها ما يختص بها ولا شيء أخص بالإنسان من كسبه وعاقبته فإذا لم يكن له طريق إلى معرفتهما كان من معرفة ما عداهما أبعد، وأما المنجم الذي يخبر بوقت الغيب والموت فإنه يقول بالقياس والنظر في المطالع وما يدرك بالدليل لا يكون غيبًا على أنه مجرد الظن والظن غير العلم والله تعالى أعلم.
وأشار إلى علوم الآخرة بقوله:(ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله) فلا يعلم ذلك نبي مرسل ولا ملك مقرّب.
ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرة، والحديث سبق في آخر الاستسقاء.
وبه قال:(حدّثنا محمد بن يوسف) بن واقد الفريابي الضبي مولاهم محدّث قيسارية قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن إسماعيل) بن أبي خالد البجلي (عن الشعبي) عامر بن شراحيل أحد الأعلام قال: أدركت خمسمائة من الصحابة وما كتبت سوداء في بيضاء ولا حدّثت بحديث إلا حفظته (عن مسروق) أي ابن الأجدع (عن عائشة ﵂) أنها (قالت: من حدّثك أن محمدًا ﷺ رأى ربه) ليلة المعراج (فقد كذب) قالته رأيًا باجتهادها لقوله: (وهو) أي الله تعالى (يقول) في سورة الأنعام: (﴿لا تدركه الأبصار﴾ [الأنعام: ١٠٣]) وأجاب المثبتون بأن معنى الآية لا تحيط به الأبصار أو لا تدركه الأبصار وإنما يدركه المبصرون أو لا تدركه في الدنيا لضعف تركيبها في الدنيا فإذا كان في الآخرة خلق الله تعالى فيهم قوة يقدرون بها على الرؤية، وفي كتابي المواهب من مباحث ذلك ما يكفي.
(ومن حدّثك أنه يعلم الغيب فقد كذب) والضمير في أنه يعلم للنبي ﷺ لعطفه على قوله: من حدثك أن محمدًا وصرح به فيما أخرجه ابن خزيمة وابن حبان من طريق عبد ربه بن سعد عن داود عن أبي هند عن الشعبي بلفظ: أعظم الفرية على الله من قال إن محمدًا رأى ربه وأن