ودل التنصيص على دارات الوجوه أن الوجه كله لا يؤثر فيه النار إكرامًا لمحل السجود، ويحتمل أن الاقتصار عليها على التنويه بها لشرفها. (فيخرجون من النار) حال كونهم (قد امتحشوا) بضم الفوقية والمعجمة بينهما حاء مهملة مكسورة أو بفتح الفوقية احترق جلدهم وظهر عظمهم (فيصب عليهم) بضم التحتية وفتح الصاد (ماء الحياة) ضد الموت (فينبتون تحته كما تنبت الحبة) بكسر الحاء المهملة وتشديد الموحدة من بزور الصحراء (في حميل السيل) بفتح الحاء المهملة ما يحمله من طين ونحوه وفي رواية يحيى بن عمارة إلى جانب السيل والمراد أن الغثاء الذي يجيء به السيل تكون فيه الحبة فتقع في جانب الوادي فتصبح من يومها نابتة فالتشبيه في سرعة النبات وطراوته وحسنه (ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد ويبقى رجل) زاد أبو ذر منهم (مقبل بوجهه على النار هو آخر أهل النار دخولاً الجنة). وفي حديث حذيفة في أخبار بني إسرائيل أنه كان نباشًا وعند الدارقطني في غرائب مالك أنه رجل من جهينة عند السهيلي اسمه هناد (فيقول: أي) بسكون الياء (رب اصرف وجهي عن النار فإنه قد قشبني) بالقاف والمعجمة والموحدة مفتوحات آذاني (ريحها وأحرقني ذكاؤها) بفتح الذال وبعد الكاف همزة ولأبي ذر ذكاها بغير همز شدة حرها والتهابها (فيدعو الله)﷿(بما شاء أن يدعوه ثم يقول الله)﷿ له: (هل عسيت) بفتح السين وكسرها (إن أعطيت ذلك) بضم الهمزة ولأبي ذر إن أعطيتك بفتحها وبالكاف (أن تسألني غيره فيقول: لا وعزتك لا أسألك غيره ويعطي ربه) ولأبي ذر عن الكشميهني ويعطي الله (من عهود ومواثيق ما شاء فيصرف الله)﷿(وجهه عن النار فإذا أقبل على الجنة ورآها سكت ما شاء الله)﷿(أن يسكت). حياء (ثم يقول: أي رب قدمني) بسكون الميم بعد كسر الدال المشددة (إلى باب الجنة فيقول الله)﷿(له: ألست قد أعطيت عهودك ومواثيقك أن لا تسألني غير الذي أعطيت أبدًا) أي غير صرف وجهك عن النار (ويلك يا ابن آدم ما أغدرك) فعل تعجب من الغدر ونقض العهد وترك الوفاء (فيقول أي رب ويدعو الله)﷿(حتى يقول)﷿ له (هل عسيت إن أعطيت ذلك أن تسأل غيره فيقول: لا وعزتك لا أسألك غيره ويعطي) الله (ما شاء من عهود ومواثيق فيقدمه إلى باب الجنة فإذا قام إلى باب الجنة انفهقت) بنون ساكنة ففاء فهاء فقاف مفتوحات ففوقية انفتحت واتسعت (له الجنة فرأى ما فيها من الحبرة) بفتح الحاء المهملة وسكون الموحدة من النعمة وسعة العيش (والسرور فيسكت ما شاء الله)﷿(أن يسكت ثم يقول: أي رب أدخلني الجنة فيقول الله)﷿(ألست قد أعطيت عهودك ومواثيقك أن لا تسأل غير ما أعطيت فيقول): وفي الفرع كأصله ضبب على فيقول هذه (ويلك يا ابن آدم ما أغدرك فيقول: أي رب لا أكونن) بنون التوكيد الثقيلة ولأبي ذر عن الحموي والكشميهني لا أكون بإسقاطها (أشقى خلقك).
قال في الكواب فإن قلت: هذا ليس بأشقى لأنه خلص من العذاب وزحزح عن النار وإن لم يدخل الجنة. قلت: يعني أشقى أهل التوحيد الذي هم أبناء جنسه فيه، وقال الطيبي: فإن قلت: كيف طابق هذا الجواب قوله أليس قد أعطيت عهودك ومواثيقك؟ قلت: كأنه قال يا رب