للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بلى أعطيت العهود والمواثيق ولكن تأملت كرمك وعفوك ورحمتك، وقوله تعالى: ﴿لا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون﴾ [يوسف: ٨٧] فوقفت على أني لست من الكفار الذين أيسوا من رحمتك وطمعت في كرمك وسعة رحمتك فسألت ذلك وكأنه تعالى رضي بهذا القول فضحك كما قال:

(فلا يزال يدعو) الله تعالى (حتى يضحك الله) ﷿ (منه) المراد لازم الضحك وهو الرضا (فإذا ضحك منه قال له ادخل الجنة فإذا دخلها قال الله) ﷿ (له: تمنّه) بهاء السكت (فسأل ربه) ﷿ (وتمنى حتى أن الله ليذكره) أي ليذكر المتمني (يقول) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي ويقول له تمنّ (كذا وكذا) يسمي له أجناس ما يتمنى فضلاً منه ورحمة (حتى انقطعت به الأماني) جمع أمنية (قال الله) ﷿ (ذلك) الذي سألت (لك ومثله معه).

قال الدماميني في مصابيحه: فإن قلت: قد علم أن الدار الآخرة ليست دار تكليف فما الحكمة في تكرير أخذ العهود والمواثيق عليه أن لا يسأل غير ما أعطيه مع أن إخلافه لقوله وما تقتضيه يمينه لا إثم عليه فيه؟ قلت: الحكمة فيه ظاهرة وهي إظهار التمنّن والإحسان إليه مع تكريره لنقض عهوده ومواثيقه ولا شك أن للمنّة في نفس العبد مع هذه الحالة التي اتّصف بها وقعًا عظيمًا.

وقال الكلاباذي فيما نقله عنه في الفتح: سكوت هذا العبد أولاً عن السؤال يعني في قوله في الحديث فيسكت ما شاء الله حياء من ربه والله يحب أن يُسأل لأنه يحب صوت عبده المؤمن فباسطه أولاً بقوله: لعلك إن أعطيت هذا تسأل غيره وهذه حالة المقصر فكيف حالة المطيع وليس نقض هذا العبد عهده وتركه ما أقسم عليه جهلاً منه، ولا قلة مبالاة بل علمًا منه بأن نقض هذا العهد أولى من الوفاء به لأن سؤاله ربه أولى من ترك السؤال، وقد قال : "من حلف على يمين فرأى خيرًا منها فليكفّر عن يمينه وليأت الذي هو خير" فعمل هذا العبد على وفق هذا الخبر والتكفير قد ارتفع عنه في الآخرة.

٧٤٣٨ - قَالَ عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ: وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ مَعَ أَبِى هُرَيْرَةَ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ شَيْئًا حَتَّى إِذَا حَدَّثَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ اللَّهَ قَالَ: «ذَلِكَ لَكَ، وَمِثْلُهُ مَعَهُ»، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ: وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ مَعَهُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا حَفِظْتُ إِلاَّ قَوْلَهُ: «ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ». قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ: أَشْهَدُ أَنِّى حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ قَوْلَهُ: «ذَلِكَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ»، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولاً الْجَنَّةَ.

(قال عطاء بن يزيد) الراوي (وأبو سعيد الخدري مع أبي هريرة) جالس وهو يحدّث بهذا الحديث (لا يرد عليه من حديثه شيئًا) ولا يغيره (حتى إذا حدّث أبو هريرة أن الله قال: ذلك لك ومثله معه. قال أبو سعيد الخدري: وعشرة أمثاله معه يا أبا هريرة. قال أبو

<<  <  ج: ص:  >  >>