الإيمان بالله تعالى، وكتبه والسؤال عنه بدعة أي حادث لأن الصحابة ﵃ كانوا عالمين بمعناه اللائق بحسب اللغة فلم يحتاجوا للسؤال عنه فلما جاء من لم يحط بأوضاع لغتهم ولا له نور كنورهم يهديه لنور صفات الباري تعالى شرع يسأل عن ذلك فكان سؤاله سببًا لاشتباهه على الناس وزيغهم على العلماء حينئذٍ أن يهملوا البيان وقد مر أن استوى افتعل وأصله العدل، وحقيقة الاستواء المنسوب إلى الله تعالى في كتابه بمعنى اعتدل أي قام بالعدل وأصله من قوله شهد الله أنه لا إله إلا هو إلى قوله قائمًا بالقسط والعدل وهو استواؤه ويرجع معناه إلى أنه أعطى بعزته كل شيء خلقه موزونًا بحكمته المبالغة في التعريف لخلقه بوحدانيته ولذلك قرنه بقوله لا إله إلا هو العزيز الحكيم والاستواء المذكور في القرآن استواءان سماويّ وعرشي فالأول معدّى بإلى قال تعالى: ﴿ثم استوى إلى السماء﴾ [البقرة: ٢٩] والثاني بعلى لأنه تعالى قام بالقسط متعرقًا بوحدانيته في عالمين عالم الخلق وعالم الأمر وهو عالم التدبير فكان استواؤه على العرش للتدبير بعد انتهاء عالم الخلق وبهذا يفهم سر تعدية الاستواء العرشي بعلى لأن التدبير للأمر لا بد فيه من استعلاء واستيلاء والعرش جسم كسائر الأجسام سمي به لارتفاعه أو للتشبيه بسرير الملك فإن الأمور والتدابير تنزل منه (﴿يغشي الليل النهار﴾) يغطيه ولم يذكر عكسه للعلم به (﴿يطلبه حثيثًا﴾) يعقبه سريعًا كالطالب له لا يفصل بينهما شيء والحثيث فعيل من الحث وهو صفة مصدر محذوف أو حال من الفاعل بمعنى حاثًّا أو المفعول بمعنى محثوثًا (﴿والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره﴾) بقضائه وتصريفه ونصبها بالعطف على السماوات ونصب مسخرات على الحال (﴿ألا له الخلق والأمر﴾) فإنه الموجد والمتصرف (﴿تبارك الله رب العالمين﴾ [الأعراف: ٥٤]) تعالى بالوحدانية في الألوهية وتعظم بالتفرد في الربوبية وسقط لأبي ذر قوله: ﴿في ستة أيام﴾ إلى آخر الآية. وقال بعد قوله والأرض إلى تبارك الله رب العالمين.
(قال ابن عيينة) سفيان فيما وصله ابن أبي حاتم في كتاب الرد على الجهمية (بين الله الخلق من الأمر) أي فرق بينهما (بقوله تعالى) في الآية السابقة (﴿ألا له الخلق والأمر﴾) حيث عطف أحدهما على الآخر فالخلق هو المخلوقات والأمر هو الكلام فالأوّل حادث والثاني قديم وفيه أن لا خلق لغيره تعالى حيث حصر على ذاته تعالى بتقديم الخبر على المبتدأ (وسمى النبي ﷺ الإيمان عملاً. قال أبو ذر) الغفاري ﵁ فيما وصله المؤلف في العتق (وأبو هريرة)﵁ فيما وصله في الإيمان والحج (سئل النبي ﷺ أيّ الأعمال أفضل؟ قال: إيمان بالله وجهاد في سبيله. وقال) تعالى: (﴿جزاء بما كانوا يعملون﴾ [الأحقاف: ١٤]) من الإيمان وغيره من الطاعات فسمي الإيمان عملاً حيث أدخله في جملة الأعمال (وقال وفد عبد القيس) ربيعة (للنبي ﷺ) فيما وصله المؤلف بعد (مرنا بجمل) أمور كلية مجملة (من الأمر وإن عملنا بها دخلنا الجنة فأمرهم بالإيمان) أي بتصديق الشارع ﵊ فيما علم مجيئه به ضرورة (والشهادة) بالوحدانية لله تعالى (وإقام الصلاة) المفروضة (وإيتاء الزكاة) المكتوبة (فجعل)ﷺ(ذلك كله) ومن جملته الإيمان (عملاً).