للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بينهما عين مهملة ساكنة الضبي أيضًا (عن أبي زرعة) هرم بفتح الهاء وكسر الراء البجلي بالموحدة والجيم المفتوحة (عن أبي هريرة) عبد الرحمن بن صخر () أنه (قال: قال النبي ):

(كلمتان) خبر مقدم وما بعده صفة بعد صفة أي كلامان فهو من باب إطلاق الكلمة على الكلام ككلمة الشهادة (حبيبتان إلى الرحمن) تثنية حبيبة أي محبوبة بمعنى المفعول لا الفاعل وفعيل إذا كان بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث إذا ذكر الموصوف نحو: رجل قتيل وامرأة قتيل فإن لم يذكر الموصوف فرّق بينهما نحو: قتيل وقتيلة وحينئذٍ فما وجه لحوق علامة التأنيث هنا؟ أجيب: بأن التسوية جائزة لا واجبة وقيل إنما أنّثها لمناسبة الخفيفة والثقيلة لأنهما بمعنى الفاعلة لا المفعولة، والمراد محبوبية قائلها ومحبة الله تعالى لعبده وإرادته إيصال الخير له والتكريم، وخصّ اسمه الرحمن دون غيره من الأسماء الحسنى لأن كل اسم منها إنما يذكر في المكان اللائق به، وهذا من محاسن البديع الواقع في الكتاب العزيز وغيره من الفصيح كقوله تعالى: ﴿استغفروا ربكم إنه كان غفارًا﴾ [نوح: ١٠] وكذلك هنا لما كان جزاء من يسبح بحمده تعالى الرحمة ذكر في سياقها الاسم المناسب لذلك وهو الرحمن (خفيفتان على اللسان) للين حروفهما وسهولة خروجهما فالنطق بهما سريع وذلك لأنه ليس فيهما من حروف الشّدة المعروفة عند أهل العربية وهي الهمزة والباء الموحدة والتاء المثناة الفوقية والجيم والدال والطاء المهملتان والقاف والكاف ولا من حروف الاستعلاء أيضًا وهي: الخاء المعجمة والصاد والضاد والطاء والظاء والغين المعجمة والقاف سوى حرفين الباء الموحدة والظاء المعجمة، ومما يستثقل أيضًا من الحروف الثاء المثلثة والشين المعجمة وليستا فيهما، ثم إن الأفعال أثقل من الأسماء وليس فيهما فعل وفي الأسماء أيضًا ما يستثقل كالذي لا ينصرف وليس فيهما شيء من ذلك وقد اجتمعت فيهما حروف اللين الثلاثة الألف والواو والياء وبالجملة فالحروف السهلة الخفيفة فيهما أكثر من العكس (ثقيلتان في الميزان) حقيقة لكثرة الأجور المدّخرة لقائلهما والحسنات المضاعفة للذاكر بهما وقوله: حبيبتان وخفيفتان وثقيلتان صفة لقوله كلمتان وفي هذه الرواية تقديم حبيبتان وتأخير ثقيلتان وقوله (سبحان الله) اسم مصدر لا مصدر يقال سبّح يسبّح تسبيحًا لأن قياس فعل بالتشديد إذا كان صحيح اللام التفعيل كالتسليم والتكريم، وقيل: إن سبحان مصدر لأنه سمع له فعل ثلاثي، وقول الشاعر:

سبحانه ثم سبحانًا يعود له … وقبلنا سبّح الجوديّ والجمد

يساعد من قال إن سبحان مصدر لوروده منصرفًا قاله في اللباب وغيره، وقال بعض الكبراء: إن فيه وجوهًا.

أحدهما: أنه مصدر تأكيدي كما في ضربت ضربًا فهو في قوة قولنا أسبّح الله تسبيحًا فلما حذف الفعل أضيف المصدر إلى المفعول ومعنى أسبح المده أي أنظم نفسي في سلك الموقنين بتقديسه عن جميع ما لا يليق بجنابه سبحانه وأنه مقدس أزلاً وأبدًا وإن لم يقدسه أحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>