بشيء الأمر بحاله المقيدة له بدليل اضرب هندًا جالسة؟ وأجاب: بأنه إنما يلزم ذلك إذا لم يكن الحال من نوع الفعل المأمور به ولا من فعل الشخص المأمور كالمثال المذكور أما إذا كانت بعض أنواع الفعل المأمور به نحو: حج مفردًا أو قارنًا أو كانت من فعل المأمور به نحو: ادخل مكة محرمًا فهي مأمور بها وما تكلم فيه في المغني من هذا القبيل انتهى.
قال في المغني: وقيل الباء للاستعانة والحمد مضاف للفاعل أي سبّحه بما حمد به نفسه إذ ليس كل تنزيه محمودًا ألا ترى أن تسبيح المعتزلة اقتضى تعطيل كثير من الصفات، وقال الخطابي: المعنى وبمعونتك التي هي نعمة توجب عليّ حمدك سبّحتك لا بحولي وقوّتي يريد أنه مما أقيم فيه المسبب مقام السبب ثم إن جنس الحمد كما قاله بعض العلماء لما وقع ذكره بعد التقديس عن كل ما لا يليق به تعالى بغير تخصيص بعض المحامد تضمن الكلام، واستلزام إثبات جميع الكمالات الوجودية الجائزة له مطابقة ولزم منه التقديس عن كل ما لا يليق وهو كل ما ينافيها ولا يجامعها هذا مع أن كلمة الجلالة تدل على الذات المقدسة المستجمعة للكمالات أجمع، وكذا الضمير في وبحمده إلى الهوية الخاصة السبوحية القدوسية الجامعة لجميع خاصيات الذات الواجبة وخواصها فهذه الكلمة اشتملت على اسمي الذات اللذين لا أجمع منهما. أحدهما فيه اعتبار عليه أحكام الشهادة والغيب والآخر فيه علية أحكام الغيب وغيب الغيب، وأيضًا تشتمل على جميع التقديسات والتنزيهات وعلى جميع الأسماء والصفات وعلى كل توحيد.
وختم بقوله:(سبحان الله العظيم) ليجمع بين مقامي الرجاء والخوف إذ معنى الرحمن يرجع إلى الإنعام والإحسان ومعنى العظيم يرجع إلى الخوف من هيبته تعالى، وقوله سبحان إلى آخره مبتدأ وما بينه وبين الخبر صفة له بعد صفة.
وقد أورد صاحب المصابيح سؤالين فقال: فإن قلت: المبتدأ مرفوع وسبحان الله في المحلين منصوب فكيف وقع مبتدأ مع ذلك؟ وأجاب: بأن لفظهما محكي، وقال في الثاني فإن قلت: الخبر مثنى والمخبر عنه غير متعدد ضرورة أنه ليس ثم حرف عطف يجمعهما. ألا ترى أنه لا يصح قولك زيد عمرو قائمان. وأجاب: بأنه على حذف العاطف أي سبحان الله وبحمده وسبحان الله العظيم كلمتان خفيفتان على اللسان إلى آخره.
وقد نص أهل المعاني على أن من جملة الأسباب المقتضية لتقديم المسند تشويق السامع إلى المبتدأ بأن يكون في المسند المقدّم طول يشوّق النفس إلى ذكر المسند إليه فيكون أوقع في النفس وأدخل في القبول لأن الحاصل بعد الطلب أعز من المنساق بلا تعب ولا يخفى أن ما ذكره القوم متحقّق في هذا الحديث بل هو أحسن من المثال الذي أورده وبثّه بكير وهو قول الشاعر:
ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها … شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر
ومراعاة مثل هذه النكتة البلاغية هو الظاهر من تقديم الخبر على المبتدأ لكن رجح المحقق الكمال ابن الهمام ﵀ أن سبحان الله هو الخبر قال: لأنه مؤخر لفظًا والأصل عدم مخالفة