للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما جاء من غير قصد أو تضمن حقًّا، وفيه من علم العروض إفادة أن الكلام المسجع ليس بشعر فلا يوزن وإن جاء على وفق البحور في الجملة هذا مع ضميمة قوله تعالى: ﴿وما علمناه الشعر وما ينبغي له﴾ [يس: ٦٩] وقد جاء في الكتاب والسُّنّة أشياء على وفق البحور فمنها ما جاء على وفق الرجز نحو: إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف، ومن السُّنّة قوله : "هل أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت".

وسبق مزيد لذلك في هذا الشرح فليراجع، وفي سنده من اللطائف القول في موضعين والتحديث في موضعين والعنعنة وهي في البخاري محمولة على السماع فهي مثل أخبرنا إذ العنعنة من غير المدلس محمولة على السماع كما تقرر في المقدمة أول هذا الشرح.

وفي الحديث أيضًا الاعتناء بشأن التسبيح أكثر من التحميد لكثرة المخالفين فيه وذلك من جهة تكريره بقول: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، وقد جاءت السُّنّة به على أنواع شتى ففي مسلم عن سمرة مرفوعًا: "أفضل الكلام سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر" أي أفضل الذكر بعد كتاب الله والموجب لفضلها اشتمالها على جملة أنواع الذكر من التنزيه والتحميد والتمجيد ودلالتها على جميع المطالب الإلهية إجمالاً لأن الناظر المتدرج في المعارف يعرفه سبحانه أوّلاً بنعوت الجلال التي تنزه ذاته عما يوجب حاجة أو نقصًا ثم بصفات الإكرام وهي الصفات الثبوتية التي يستحق بها الحمد، ثم يعلم أن من هذا شأنه لا يماثله غيره ولا يستحق الألوهية سواه فيكشف له من ذلك أنه أكبر إذ كل شيء هالك إلا وجهه.

وفي الترمذي وقال حديث غريب عن ابن عمر أن رسول الله قال: "التسبيح نصف الميزان والحمد لله تملؤه ولا إله إلا الله ليس لها حجاب دون الله حتى تخلص إليه". وفيه وجهان.

أحدهما: أن يراد التسوية بين التسبيح والتحميد بأن كل واحد منهما يأخذ نصف الميزان فيملآن الميزان معًا وذلك لأن الأذكار التي هي أم العبادات البدنية الغرض الأصلي من شرعها ينحصر في نوعين، أحدهما التنزيه، والآخر التحميد والتسبيح يستوعب القسم الأول والتحميد يتضمن القسم الثاني.

وثانيهما: أن يراد تفضيل الحمد على التسبيح وأن ثوابه ضعف ثواب التسبيح لأن التسبيح نصف الميزان والتحميد وحده يملؤه وذلك لأن الحمد المطلق إنما يستحقه من كان مبرأ عن النقائص منعوتًا بنعوت الجلال وصفات الإكرام فيكون الحمد شاملاً للأمرين وأعلى القسمين، وإلى الوجه الأول أشار بقوله: "كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان" وقوله: "لا إله إلا الله ليس لها حجاب" لأنها اشتملت على التنزيه والتحميد ونفي ما سواه تعالى صريحًا ومن ثم جعله من جنس آخر لأن الأولين دخلا في معنى الوزن والمقدار في الأعمال، وهذا حصل منه القرب إلى الله تعالى من غير جائز ولا مانع ففي مسلم من حديث جويرية أنه خرج من عندها بكرة حين صلّى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة

<<  <  ج: ص:  >  >>