للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: ما زلت على الحال التي فارقتك عليه؟ قالت: نعم، قال النبي : لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات ولو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهنّ، سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته. صرّح في القرينة الأولى بالعدد وفي الثانية بالزنة وترك الثانية والرابعة منهما ليؤذن بأنهما لا يدخلان في جنس المعدود والموزون ولا يحصرهما المقدار لا حقيقة ولا مجازًا فيحصل الترقي حينئذ من عدد الخلق إلى رضا الحق ومن زنة العرش إلى مداد الكلمات.

وفي الترمذي من حديث سعد بن أبي وقاص أنه دخل مع النبي على امرأة وبين يديها نوى أو حصى تسبّح به فقال: "ألا أخبرك بما هو أيسر عليك من هذا وأفضل سبحان الله عدد ما خلق في السماء وسبحان الله عدد ما خلق في الأرض وسبحان الله عدد ما بين ذلك وسبحان الله عدد ما هو خالق، والله أكبر مثل ذلك والحمد لله مثل ذلك. ولا إله إلا الله مثل ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله مثل ذلك". وفي قوله عدد ما هو خالق إجمال بعد تفصيل لأن اسم الفاعل إذا أسند إلى الله يفيد الاستمرار من بدء الخلق إلى الأبد.

وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : "مَن قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطّت خطاياه وإن كنت مثل زبد البحر" رواه الشيخان وهذا وأمثاله نحو: ما طلعت عليه الشمس وكنايات عبّر بها عن الكثرة عرفًا. وظاهرًا لإطلاق يُشْعِر بأنه يحصل هذا الأجر المذكور لمن قال ذلك مائة مرة سواء قالها متوالية أو متفرقة في مجالس أو بعضها أول النهار وبعضها آخره لكن الأفضل أن يأتي بها متوالية في أول النهار وهذه الفضائل الواردة في التسبيح ونحوه ما قال ابن بطال وغيره إنما هي لأهل الشرف في الدين والكمال كالطهارة من الحرام والمعاصي العظام، فلا يظن ظانّ أن من أدمن الذكر وأصرّ على ما شاء من شهواته وانتهك دين الله وحرماته أنه يلتحق بالمطهرين المقدّسين ويبلغ منازلهم بكلام أجراه على لسانه ليس معه تقوى ولا عمل صالح وفي الترمذي وقال حديث حسن غريب عن ابن مسعود قال: قال رسول الله : "لقيت إبراهيم ليلة أسري بي فقال: يا محمد أقرئ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة عذبة الماء وأنها قيعان وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر" والقيعان: جمع القاع وهو المستوي من الأرض والغراس: جمع غرس وهو ما يغرس، والغرس: إنما يصلح في التربة الطيبة وينمو بالماء العذب أي أعلمهم أن هذه الكلمات تورث قائلها الجنة وأن الساعي في اكتسابها لا يضيع سعيه لأنها المغرس الذي لا يتلف ما استودع فيه قاله التوربشتي.

وقال الطيبي: وهاهنا إشكال لأن هذا الحديث يدل على أن أرض الجنة خالية عن الأشجار والقصور ويدل قوله تعالى: ﴿جنات تجري من تحتها الأنهار﴾ وقوله تعالى: (﴿أُعِدَّت للمتقين﴾ [آل عمران: ١٣٣] على أنها غير خالية عنها لأنها إنما سميت جنة لأشجارها المتكاثفة المظلة

<<  <  ج: ص:  >  >>