وبالخاء المعجمة الساكنة والزاي المكسورة وبالمثناة التحتية الساكنة من الخزي، أي ما يفضحك الله.
ولأبي ذر عن الكشميهني ما يحزنك الله بفتح أوّله وبالحاء المهملة الساكنة والزاي المضمومة أو بضم أوّله مع كسر الزاي وبالنون من الحزن، يقال حزنه وأحزنه. (إنك) بكسر الهمزة لوقوعها في الابتداء، قال العلاّمة البدر الدماميني: وفصلت هذه الجملة عن الأولى لكونها جوابًا عن سؤال اقتضته، وهو سؤال عن سبب خاص، فحسن التأكيد. وذلك أنها لما أثبتت القول بانتفاء الخزي عنه وأقسمت عليه انطوى ذلك على اعتقادها أن ذلك لسبب عظيم، فيقدر السؤال عن خصوصه حتى كأنه قيل: هل سبب ذلك هو الاتّصاف بمكارم الأخلاق ومحاسن الأوصاف كما يشير إليه كلامك، قالت: إنك (لتصل الرحم) أي القرابة، (وتحمل الكل) بفتح الكاف وتشديد اللام، وهو الذي لا يستقل بأمره، أو الثقل بكسر المثلثة وإسكان القاف، (وتكسب المعدوم) بفتح المثناة الفوقية، أي تعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك. وكسب يتعدى بنفسه إلى واحد نحو كسبت المال، وإلى اثنين نحو كسبت غيري المال وهذا منه. ولابن عساكر وأبي ذر عن الكشميهني وتكسب بضم أوّله من أكسب، أي تكسب غيرك المال المعدوم أي تتبرع به له، فحذف الموصوف وأقام الصفة مقامه، أو تعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك من نفائس الفوائد ومكارم الأخلاق، أو تكسب المال وتصيب منه ما يعجز غيرك عن تحصيله ثم تجود به وتنفقه في وجوه المكارم. والرواية الأولى أصح كما قاله عياض، والرواية الثانية قال الخطابي: الصواب العدم بلا واو أي الفقير، لأن المعدوم لا يكسب.
وأجيب بأنه لا يمتنع أن يطلق على المعدم المعدوم لكونه كالمعدوم الميت الذي لا تصرف له، وفي تهذيب الأزهري عن ابن الأعرابي رجل عديم لا عقل له، ومعدوم لا مال له، قال في المصابيح:"كأنهم نزلوا وجود من لا مال له منزلة العدم". (وتقري الضيف) بفتح أوّله بلا همز ثلاثيًا قال الآبي وسمع بضمها رباعيًّا، أي تهيئ له طعامه ونزله. (وتعين على نوائب الحق) أي حوادثه، وإنما قالت نوائب الحق لأنها تكون في الحق والباطل. قال لبيد:
نوائب من خير وشر كلاهما … فلا الخير ممدود ولا الشرّ لازب
ولذلك أضافتها إلى الحق، وفيه إشارة إلى فضل خديجة وجزالة رأيها، وهذه الخصلة جامعة لأفراد ما سبق وغيره، وإنما أجابته بكلام فيه قسم وتأكيد بأن. واللام، لتنزيل حيرته ودهشته واستدلت على ما أقسمت عليه بأمر استقرائي جامع لأصول مكارم الأخلاق. وفيه دليل على أن من طبع على أفعال الخير لا يصيبه ضير. (فانطلقت) أي مضت (به خديجة)﵂ مصاحبة له لأنها تلزم الفعل اللازم المعدى بالباء بخلاف المعدى بالهمزة كأذهبته، (حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة) بنصب ابن الأخير بدلاً من ورقة أو صفة، ولا يجوز جره لأنه يصير صفة لعبد العزى وليس كذلك، ويكتب بالألف ولا تحذف لأنه لم يقع بين علمين وراء ورقة مفتوحة، وتجتمع معه خديجة في أسد لأنها بنت خويلد بن أسد. (وكان) ورقة (امرأً قد) ترك عبادة الأوثان و (تنصَّر)، وللأربعة وكان امرأ تنصر، (في الجاهلية) بإسقاط قد، وذلك أنه خرج