هذا البيت حث على الزهر في الدنيا الخادعة, ونهي لمن رزق شيئًا منها عن السرور بما رزق؛ لأنه يعلم علم ضرورة أنه مأخوذ منه.
وقوله:
ألفت ترحلي وجعلت أرضي ... قتودي والغريري الجلالا
زعم أنه قد ألف ترحله, وجعل أرضه التي يألفها ويرقد عليها قتود رحله؛ أي أعواده وهي جمع قتد. والغريري: جمل منسوب إلى بني غرير, وهم قوم من العرب توصف إبلهم بالنجابة, قال ذو الرمة: [الوافر]
نجائب من نتاج بني غريرٍ ... من العيدي قد ضمرت كلالا
ضمرت أي قد أمسكت الجرر في أفواهها. وفي شعر حبيب بن أوس بيت يدل على أن غريرًا فحل من فحول الإبل وهو قوله: [مخلع البسيط]
قد ضج من فعلهم جديل ... لنسله واشتكى غرير
والذي دل عليه شعر ذي الرمة أن بني غريرٍ قوم من العرب يقال إنهم من بني الحارث بن كعب. (١٦٣/أ) والجلال: الخيار من الشيء.
وقوله:
فما حاولت في أرضٍ مقامًا ... ولا أزمعت عن أرضٍ زوالا
يقول: أنا سائر طول دهري, فلم أحاول مقامًا في أرض. وأصل المحاولة أن تكون من اثنين؛ فكأنه نفى عن نفسه محاولة أرضٍ على المقام فيها, أو محاولة أهلها على ذلك.
والمحاولة يجوز أن تكون مأخوذةً من الحول وهو القوة, ومن قولهم: حوله وحواليه, وأزمعت الشيء: إذا أردته وعزمت عليه, قال عنترة: [الكامل]
إن كنت أزمعت الفراق فإنما ... زمت ركابكم بليلٍ مظلم
والاسم من أزمعت: الزماع بفتح الزاي, وقد حكيت بالكسر.