للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ادنى: افتعل من الدنو. يقول: كأن هذا الأسد غرته عينه فلم يبصر ما قدامه, ولو تصور الأمر بصورته لفر من هيبة الممدوح؛ ولكنه مغرور ظن ما جل من الخطوب ليس بالجليل.

وقوله:

أنف الكريم من الدنية تارك ... في عينه العدد الكثير قليلا

هذا البيت عذر للاسد في إقدمه؛ لأنه جعل أنف الكريم من الدنية يغره, فيجعل ما كثر من العدد قليلًا عنده؛ أي هذا الأسد (١٦٦/أ) أنف أنف الكرام فاستصغر ما عظم.

وقوله:

والعار مضاض وليس بخائفٍ ... من حتفه من خاف مما قيلا

يقال: أمضني الشيء, وهي اللغة الفصيحة, وقد حكي: مضني, وكأن مضاضًا محمول على مض, وربما جاء أفعل فاشتق منه فعال كما قالوا: أدرك النار؛ وهو دراك. يقول: الرجل إذا خاف من كلام الناس فيه ونسبتهم إياه إلى الجبن أو البخل؛ لم يخف من لقاء الموت؛ لأنه يرى ذلك أحسن من أن يوصف بخلةٍ ذميمة.

وقوله:

سبق التقاءكه بوثبة هاجمٍ ... لو لم تصادمه لجازك ميلا

جاء بالهاء بعد الالتقاء, ولو كان في غير الشعر لكانت إياه أولى من الهاء. والهاجم: الذي يهجم على الشيء بغرته من غير تلبثٍ ولا انتظار. والميل من الأرض: معروف, وقيل: إنما سمي ميلًا لأن الإنسان إذا بلغه مال إلى العلامة التي تدل عليه, وقيل: إنما سمي ميلًا لأنهم كانوا يجعلون عند آخره صخرةً مستطيلةً ليعرف مكانه بها. وشبهوا الصخرة بالميل الذي يكتحل به. يقول: لو لم تصادم الأسد لجازك مقدار ميل, وهذا مدح للأسد ووصف له بالقوة.

وقوله:

خذلته قوته وقد كافحته ... فاستنصر التسليم والتجديلا

كافحته: أي لقيته بشخصك ولقيك بشخصه, وكل شيء لقي شيئًا فقد كافحه, والتسليم من قولهم: سلم الأمر إلى الله, والأسد لا يعرف ذلك ولكنه ادعاه له. والتجديل: مصدر جدله؛ أي ألقاه على الجدالة وهي الأرض, قال الراجز: [الرجز]

<<  <   >  >>