ويقال:«سبق السيف العذل» يضرب ذلك مثلًا للأمر إذا فات. ويزعمون أن أصل ذلك أن ضبة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر كان له ولدان يقال لهما: سعد وسعيد؛ فأما سعد فإليه انتهى نسب ضبة, وأما سعيد فسافر ولم يعد. وعمر ضبة إلى أن كبر فكان كلما رأى شخصًا مقبلًا قال: أسعد أم سعيد؛ فصار ذلك مثلًا للخير والشر؛ لأن سعيدًا سافر ولم يعد, وسعدًا أعقب وكثر ولده وكان فيهم سادة.
ويقال: إن ضبة بن أد حج فصحب رجلًا في الطريق, وهو - فيما زعموا - الحارث بن كعب, فتحدثا وهما سائران, فمرا بموضع, فقال الحارث بن كعب: لقيت في هذا الموضع غلامًا فقتلته وأخذت سيفه, وهذا هو معي, فقال له ضبة: أرنيه؛ فلما أراه إياه عرفه وقال: الحديث ذو شجون وضرب بالسيف الحارث فقتله, فقيل له: أقتلت رجلًا في الحرم؟ فقال: سبق السيف العذل فصارت مثلًا.
وقد روى النسابون ما هو لهذا نقيض والله العالم بيقين الأمور.
وقوله:
وضاقت الأرض حتى كان هاربهم ... إذا رأى غير شيءٍ ظنه رجلا
قد طافت الشعراء حول هذا المعنى إلا أنهم جعلوا المرئي شيئًا, قال الشاعر:[الكامل]
مازلت تحسب كل شيءٍ بعدهم ... خيلًا تكر عليهم ورجالا
وقال آخر:[الطويل]
ولو أنها عصفورة لحسبتها ... مسومةً تدعو عبيدًا وأزنما