فما حرمت حسناء بالهجرٍ غبطةً ... ولا بلغتها من شكا الهجر بالوصل
الغبطة ما يسر الإنسان ويغبط عليه أي يحسد. وأصل الغبط أن يحسد الرجل غيره ويؤثر أن يكون له مثل ماله, ولا يكون له غرض في زوال نعمة المغبوط. والحسد أن يكون الحاسد مشتهيًا لزوال ما أعطيته المحسود, قال لبيد:[المنسرح]
كل بني حرةٍ مصيرهم ... قل وإن أكثرت من العدد
إن يغبطوا يهبطوا وإن أمروا ... يومًا يصيروا للبؤس والنكد
فقال الشاعر على سبيل الادعاء: فما حرمت حسناء غبطةً بالهجر, ولا بلغتها من شكا الهجر بالوصل. الهاء في بلغتها راجعة إلى الغبطة.
وقوله:
تريدين لقيان المعالي رخيصةً ... ولا بد دون الشهد من إبر النحل
يقولون: لقيان ولقيان بضم اللام وكسرها. يقول لعاذلته: تريدين أن تأخذي المعالي رخيصةً ولابد دونها من لقيان الشدائد, كما أن مشتار الشهد يصبر على إبر النحل ليبلغ إلى ما يريد.
وجبال السراة يلاقي فيها مشتار العسل شدةً؛ لأنها تكون في مواضع يتعذر إليها الوصول؛ وذلك أن بعضها يعسل في عرض الجبل, فلا يمكن صعود المشتار إليها من أسفل الجبل؛ فيتدلى عليها من أعلاه بحبالٍ. قال أبو ذؤيب يصف المشتار:[الطويل]
تدلى عليها بالحبال موثق ... شديد الوصاة نابل وابن نابل
فحط عليها والضلوغ كأنها ... من الرعب أشباه السهام النواصل
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها ... وخالفها في بيت نوبٍ عوامل