وقوله (١٧٥/ب):
حذرت علينا الموت والخيل تدعي ... ولم تعلمي عن أي عاقبةٍ تجلي
جعل الادعاء الخيل وإنما الادعاء للفوارس, ومثل هذا كثير في كلامهم؛ يستعيرون الشيء من الاسم إلى مقاربه كما يقولون: قامت الحرب, وإنما يريدون قام الذين يتحاربون, وقد علم أن الحرب لا تقوم؛ لأن القيام من أفعال الحيوان.
وقوله:
ولست غبينًا لو شريت منيتي ... بإكرام دلار بن لشكروزٍ لي
البغداديون يفتحون دال دلار وهم أخبر بكلام فارس؛ لأنهم نشأوا مع الديلم وغيرهم من الفرس. والعرب تجري على تغيير الأسماء الأعجمية. ودلار على وزن فعال وليس له اشتقاق في كلام العرب؛ لأن الدلر كلمة لم تستعمل.
وقوله:
تمر الأنابيب الخواطر بيننا ... ونذكر إقبال الأمير فتحلولي
تحلولي: تفعوعل من الحلاوة. يقال: احلولى الشيء فهو محلولٍ, وأصل هذه الكلمة ألا تكون متعدية إلى مفعولٍ, وقد جاءت متعديةً في بعض المواضع, قال حميد بن ثور: [الطويل]
فلما مضى عامان بعد انفصاله ... عن الضرع واحلولى دماثًا يرودها
وقال تأبط شرًا: [الطويل]
يظل بموماةٍ ويمسي بغيرها ... جحيشًا ويعروري ظهور المهالك
عدى يعروري إلى جحيشٍ. وفي هذا البيت سناد وهو مجيء الواو قبل اللام التي هي الروي, وسهله بعض التسهيل أن الواو إذا انفتح ما قبلها لم يكمل لينها وكذلك الياء.
والسناد خمسة أضربٍ: سناد التأسيس: وهو أن يكون بيت مؤسسًا وبيت غير مؤسس.
والتأسيس: ألف بينها وبين حرف الروي حرف يسمى الدخيل, وذلك مثل قول العجاج: [الرجز]