ألم تر أني يوم جو سويقةٍ ... بكيت فنادتني هنيدة ماليا
فقلت لها إن البكاء لراحة ... به يشتفي من ظن ألا تلاقيا
وقال ذو الرمة:[الطويل]
لعل انحدار الدمع يعقب راحةً ... من الوجد أو يشفي نجي البلابل
وفي حكاية معناها أن بعض المتقدمين قال: ما أصابني هم قط إلا خلوت بنفسي فبكيت فاسترحت.
وشبه وفاء صاحبيه بالربع أشجى ما يكون إذا درس, وكأنه لامهما على أنهما لم يسعداه. وبعض الناس يذهب إلى أنه أراد بقوله: وفاؤكما مخاطبةً لعينيه, وكلامه يدل على غير ذلك, والمراد أنه بكى ولم يبك صاحباه, ولو بكيا معه لكان ذلك زائدًا في بكائه.
وأشجاه هاهنا اسم فيه معنى التفضيل كقولك: هذا الربع أشجى من غيره.
وقوله:
وما أنا إلا عاشق, كل عاشقٍ ... أعق خليله الصفيين لائمه
تم الكلام عند قوله: وما أنا إلا عاشق, ولو استقام له إدخال الواو على قوله: كل عاشق لكان ذلك أبين؛ لأن السامع ربما ظن أن قوله: كل عاشق متعلق بعاشقٍ الأول. وإنما يقولون: فلان كريم كل الكريم؛ فيجيئون بالألف واللام ولا يحذفونهما في هذا الموضع؛ لأن القائل إذا قال: ما فلان إلا كريم كل كريم جاز أن يكون قوله: كل كريم ابتداء كلام ثانٍ, فأراد بيان ذلك بدخول الألف واللام. وقوله: أعق خليله دليل على أنه أراد الصاحبين لا العينين.
وأعقهما: أي أشدهما عقوقًا.
وقوله:
وقد يتزيا بالهوى غير أهله ... ويستصحب الإنسان من لا يلائمه