للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله:

ولو زحمتها بالمناكب زحمةً ... درت أي سورينا الضعيف المهدم

الهاء في زحمتها عائدة على ميافارقين. يقول: لو زحمت الخيل بمناكبها ميافارقين درت أي سورينا - في درت ضمير يعود على ميافارقين - يقول: لو زحمتها خيلنا لهدمت سورها؛ لأنها أشد منها بأسًا, وهذا يشبه صفة الجيش بأنه كالجبال لما قال:

تساوت به الأقطار حتى كأنه ... يجمع أشتات الجبال وينظم

وقوله:

على كل طاوٍ تحت طاوٍ كأنه ... من الدم يسقى أو من اللحم يطعم

يقول: الفرسان كلهم طاوٍ؛ من قولهم: طوى الرجل إذا لم يأكل شيئًا. على كل طاوٍ؛ أي على كل فرسٍ لم يرع ولا علق عليه عليق. يقال: هو طاوٍ بين الطوى بفتح الطاء, وحكاه سيبويه بالكسر وأجراه مجري السمن والشبع, وأنشد بيت عنترة: [الكامل]

ولقد أبيت على الطوى وأظله ... حتى أنال به كريم المأكل

والمراد أن هذه الخيل وفرسانها كأنها تسقى من دماء القتلى وتطعم من لحومها. وذهب قوم إلى أنها كالتي تأكل من لحوم أنفسها وتشرب من دمائها. ولا يحتمل هذا (١٨٥/ب) القول غرض الشاعر؛ لأن صفتها بأنها كالآكلة لحوم الأعداء والشاربة من دمائهم أبلغ في المديح, وأما القول الآخر فيحسن إذا كان في صفة إبلٍ مسافرةٍ لا يقصد بها الحرب كما قال الراجز: [الرجز]

وبلدةٍ باتت على حزومها ... شاكية الأكوار من لزومها

كأنها ترتع في لحومها

أي كانت إبلًا سمينة فطال سيرها, فهي لا تجد مرعى, فهي تصبر ولحومها تنقص وكأنها تأكل من سمنها القديم.

وقوله:

<<  <   >  >>