لها في الوغى زي الفوارس فوقها ... فكل حصان دارع متلثم
يقول: هؤلاء الفوارس قد لبسوا الحديد ليدفعوا به سلاح الأعداء, وصانوا خيلهم بما يقدرون عليه, وكأن كل حصانٍ دارع؛ أي عليه درع. والخيل لا توصف بلبس الدروع وإنما تصان بالتجافيف؛ فجعلها كالدروع في هذا الموضع لأنها السبب إلى الصيانة. واعتذر الشاعر بعد هذا البيت للفوارس باحترازهم من الموت فقال:
وما ذاك بخلًا بالنفوس على القنا ... ولكن صدم الشر بالشر أحزم
قوله: وما ذاك إشارة إلى الفعل الذي فعله الفرسان من التحرز, وما فعلوه خوفًا من الموت ولكن صدم الشر بمثله أحزم.
وقوله:
أتحسب بيص الهند أصلك أصلها ... وأنك منها؟ ساء ما تتوهم
يستفهم سيف الدولة وهو عالم بما يريد؛ يقول: إن ظنت سيوف الهند أن أصلك أصلها فقد توهمت توهمًا فاسدًا؛ لأنك أجل من أن تكون منها. وقد ادعى بعد ذلك دعوى تستحسن في الشعر؛ وهي كذب لا محالة؛ لأنه قال:
إذا نحن سميناك خلنا سيوفنا ... من التيه في أغمادها تتبسم
وقوله:
ولم نر ملكًا قط يدعى بدونه ... فيرضى ولكن يجهلون وتحلم
الهاء في دونه عائدة على سيف الدولة, واستعمل دون هاهنا كاستعمال الأسماء, وإنما هي ظرف - والتقدير: بشيءٍ دونه - وإنما يستعملون في موضع الاسم إذا لم تكن مضافةً كقول القائل: [المتقارب]
إذا ما علا المرء رام العلا ... ويقنع بالدون من كان دونا
وقوله:
أخذت على الأرواح كل ثنيةٍ ... من العيش تعطي من تشاء وتحرم
فلا موت إلا من سنانك يتقى ... ولا رزق إلا من يمينك يقسم