للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أكتم: أكثر الكتمان, ومن شأن المحب أن يكتم ما به. يقول: حبي سيف الدولة قد برى جسمي وأنا كاتم له, وغيري يدعي حبه, ويظهر ما يضمر سواه.

وقوله: (١٨٧/ب)

إن كان يجمعنا حب لغرته ... فليت أنا بقدر الحب نقتسم

الغرة: يراد بها الوجه, ويكنى بذلك عن سائر الجسد؛ لأن القائل إذا قال: أحب غرة فلان فليس يريد أنه يحب وجهه دون يده وغيرها من الأعضاء؛ وإنما دل بذكر الغرة على أنه يحب الشخص بأسره.

وقوله: يجمعنا يحتمل وجهين:

أحدهما: إن كان يجمعنا من آفاق البلاد المتباعدة حب لغرته فليت أنا نقتسم بره كما نقتسم حبه.

والآخر: أن يريد إن كان يجمعني وغيري, أي أكون أنا وهو محبين لسيف الدولة؛ فليت حظي منه بمقدار حظي من المحبة, وهذا كما تقول: أنا وفلان تجمع بيننا الكنية أو التجارة؛ أي كلانا من أهلها.

وقوله:

قد زرته وسيوف الهند مغمدة ... وقد نظرت إليه والسيوف دم

أي: قد زرته في أيام السلم وأيام الحرب. وقوله: والسيوف دم كلام يستعمل مثله الناس كثيرًا؛ فيقولون: صار السيف دمًا, إذا خضب بالدم, وكذلك الثوب ونحوه. ومعلوم أنهم لم يريدوا أن عنصر السيف صار من الدماء.

وقوله:

فوت العدو الذي يممته ظفر ... في طيه أسف في طيه نعم

في طيه أسف: الهاء في طيه عائدة إلى الظفر؛ أي: إن فوته إياك إنما وقع به لخوفه منك؛ لأنه هاب لقاءك فهرب. وإنما يعني أن سيف الدولة أسف لذلك. وقوله: في طيه نعم: الهاء في الطي الثاني ترجع إلى الأسف, وقد شرح ذلك الشاعر في البيت الذي يليه بقوله:

قد ناب عنك شديد الخوف واصطنعت ... لك المهابة ما لا تصنع البهم

<<  <   >  >>