للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله:

وفي اليمين على ما أنت واعده ... ما دل أنك في الميعاد متهم

إذا كان الرجل عند صاحبه في صورة صادق فقال له: لأفعلن كذا؛ فقد غني عن اليمين؛ وإنما يحتاج إلى الحلف إذا ظن المحلوف له أنه غير صادقٍ فيما زعم.

وقوله:

آلى الفتى ابن شمشقيقٍ فأحثنه ... فتى من الضرب ينسى عنده الكلم

قوله: الفتى في صفة ابن شمشقيق كأنه هزؤ؛ أي: إنه ليس كذلك, وإنما جاء بذكره في أول البيت لأنه (١٩٣/أ) ذكر فتى في آخره, وهو يريد الممدوح أيضًا؛ فقد يقول القائل إذا ذكر عنده البخيل: ذلك الرجل الكريم, والسامع يعلم أنه يريد غير ذلك. يقول: آلى ابن شمشقيق فأحنثه فتى ينسى عنده الكلم من الضرب بالسيوف. والهاء في «عنده» راجعة على فتى الذي هو في آخر البيت.

وقوله:

وفاعل ما اشتهى يغنيه عن حلفٍ ... على الفعال حضور الفعل والكرم

وفاعل: نسق على فتى ينسى عنده الكلم, وفاعل ما اشتهى من الأمور, والوصفان للمدوح كما يقال: جاءني رجل حر ثقة وصادق. والمعنى بذلك واحد؛ أي هذا الرجل قد جمع هذه الأوصاف. وقوله: يغنيه عن حلفٍ: الهاء راجعة إلى فاعل؛ أي يغنيه أن يحلف؛ لأن الإنسان إنما يقسم على الشيء قبل أن يفعله, مثل أن يقول: والله لأقومن؛ اليمين وقعت قبل القيام.

وقوله:

كل السيوف إذا طال الضراب بها ... يمسها غير سيف الدولة السأم

ادعى أن السيوف تسأم إذا طالت المضاربة بها, وإنما يريد أنها تثلم وتحطم؛ فلو أنها تسأم لشكت ذلك, والشعراء يقدمون على ادعاء الأشياء المستحيلة, وهذا نحو قوله:

فقد مل ضوء الصبح مما تغيره ... ومل سواد الليل مما تزاحمه

وإنما أراد أنها تكثر الغارة في الصبح والسرى في الليل إكثارًا يمل مثله من يحس, وأما الصبح والظلام فما يشعران بما يكون فيهما من أفعال الآدميين.

<<  <   >  >>