للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ورأي عيني الفتى أخاكا ... يعطي الجزيل فعليك ذاكا

فيكون المعنى مؤديًا قوله: رأت عيناي أخاك, ويجوز أن يكون خبر رأى مضمرًا؛ كأنه قال: رأي عيني كائن أو واقع, ويجوز أن يكون طلابي بدلًا من الياء في «لي» فينصب نجومها لا غير. يقول: ما لي وللدنيا أطلب فيها معالي الأمور ومسعاي في شدوق الأراقم؛ أي في مواضع الهلكة التي لا تؤدي إلى فائدة.

وقوله:

من الحلم أن تستعمل الجهل دونه ... إذا اتسعت في الحلم طرق المظالم

قد وصفت الشعراء إفراط الحلم وأنه ليس بمحمود. قال الجعدي: [الطويل]

ولا خير في حلمٍ إذا لم تكن له ... بوادر تحمي صفوه أن يكدرا

وقال الأفوه: [الرمل]

يحلم الجاهل في السلم ولا ... يقر الحلم إذا ما القوم غاروا

ورثي الأحنف بن قيس وقد قاتل يومًا قتالًا شديدًا؛ فقيل: أين الحلم يا أبا بحر؟ فقال: عند الحبى؛ أي إن القوم إذا جلسوا في مجالسهم, وشدوا حباهم فذلك الوقت الذي يحمد فيه الحلم.

وقوله:

وأن ترد الماء الذي شطره دم ... فتسقي إذا لم يسق من لم يزاحم

عطف قوله: وأن ترد الماء على قوله: أن تستعمل, وحث على ورد الماء الذي شطره دم؛ أي نصفه, وأشار بالزحام على الورد إذا لم يسق المزاحمون؛ وقد وصفت الشعراء أنفسها بمسامحة الشريب في الماء. قال الشاعر وذكر الإبل: [البسيط]

<<  <   >  >>