ادعى أمرين عظيمين: أنه إذا صال لم يترك مصالًا لفاتكٍ من الناس, وإن قال لم يترك اللعالم مقالًا, ثم أتبع بقوله: وإلا فخانتني القوافي؛ أي إلا أكن كذلك فخانتني القوافي التي هي لي وافية. دعا على نفسه أن تخونه إن كان كذب فيما زعم
وقوله:
عن المقنتي بذل التلاد تلاده ... ومجتنب البخل اجتناب المحارم
المقنتي: المفتعل من اقتنى الشيء إذا جعله قنيةً وقنيةً, ونصب تلاده لأنه جعل الاقتناء مؤديًا تصيير الشيء فكأنه قال: إلى الجاعل بذل التلاد تلادًا له؛ أي يهب ماله التلاد ويجعل بذله تلادًا له.
وقوله:
تمنى أعاديه محل عفاته ... وتحسد كفيه ثقال الغمائم
يقول: عداة هذا الممدوح يتمنون محل عفاته؛ أي سؤاله؛ أي إنهم إذا حلوا محل العفاة أمنوا من بأسه وصار إليهم من العطاء ما لا يصل إليهم بالحرب, وهذا نحو من قوله: [الطويل]
ينام لديك الرسل أمنًا وغبطةً ... وأجفان رب الرسل ليس تنام
وادعى أن ثقال الغمائم تحسد كفيه, وإنما يدعي أن عطاءه أكثر من عطائها؛ فكأنها تحسده لعجزها عن ذلك, والحسد لا يكون في الغمائم.
وقوله: (١٩٦/ب)
وذي لجب لا ذو الجناح أمامه ... بناجٍ ولا الوحش المثار بسالم
يصف جيشًا بالعظم؛ يقول: إذا طار ذو الجناح أمامه فليس بناجٍ لأن الرماة كثيرة في الجيش, وإن ثار وحش أدرك فأخذ.
وقوله:
تمر عليه الشمس وهي ضعيفة ... تطالعه من بين ريش القشاعم
يعني أن الجيش قد ارتفع غباره فالشمس لا تصل إليه إلا أن تدخله من بين ريش الطير التي تتبعه لتصيب من لحم القتلى.
وقوله: