للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله:

لمن مال تمزقه العطايا ... ويشرك في رغائبه الأنام

ولا ندعوك صاحبه فترضى ... لأن بصحبةٍ يجب الذمام

قال: لمن مال تمزقه العطايا فاستفهم, وعلمه ثابت بأنه مال الممدوح. ثم قال: ولا ندعوك صاحبه فترضى؛ لأنه لو صاحبك لوجب له ذمام عليك, وإنما يمر بك مرور مجتازٍ لا تلبث له لديك. وقوله: لأن بصحبةٍ يجب الذمام: يجب أن يكون في «أن» ضمير كأنه قال: لأنه بصحبةٍ, وتكون الهاء عائدةً على الأمر والشأن, وإن لم يجعل في «أن» ضمير؛ فكأنه أولى أن قوله: يجب, وأن لا تلي الفعل إلا وفيها ضمير.

وقوله:

تحايده كأنك سامري ... تصافحه يد فيها جذام

السمرة لهم مذهب معروف, وأنهم إذا مسلهم غيرهم بيده أو لاصقهم؛ فلهم بركة فيها ماء إذا ماسهم سواهم طرحوا أنفسهم فيفها بثيابهم يرون أن ذلك طهارة لهم, وحديثهم في الكتاب الكريم. والسامري هو الذي زين لهم اتخاذ العجل فضرب به الشاعر المثل, وجعل الممدوح لا يقرب من المال وينفر منه, كما ينفر السامري من مصافحة يدٍ بها جذام, هذه نهاية في صفة النفار من المال.

وقوله:

إذا ما العالمون عروك قالوا: ... أفدنا أيها الحبر الإمام

عروك: من عرا الرجل غيره إذا أتاه لزيارة أو حاجة. وجعل العلماء إذا جاؤوا هذا الممدوح سألوه أن يفيدهم. والحبر: العالم, يقال بفتح الحاء وكسرها, وبعض الناس يختار الكسر وبعضهم يختار الفتح, واشتقاقه من تحبير الشيء أي تحسينه, ومنه اشتقاق الحبرة من الثياب. وكان معاوية إذا قدم عليه قوم من أهل المدينة قال: هل معكم من حبرات قيسٍ شيء؛ يعني شعر قيس بن الخطيم. ويروون أن عبد الرحمن بن حسان دخل على أبيه وهو

<<  <   >  >>