وقوله: بعدن المغض تطعم: الأحسن فيه أن يكون معناه معنى الاستفهام, كأن الخيال قال: أتطعم الغمض بعدنا؟ ! وقد يحتمل أن يكون معناه معنى الاستفهام, كأن الخيال قال: أتطعم الغمض بعدنا؟ ! وقد يحتمل أن يكون على معنى الخبر كما تقول للرجل إذا رأيته يفعل فعلًا لا ينبغي أن يفعله: جلست في موضع كذا؛ أي قد جلست في موضع لا ينبغي أن تجلس فيه. وقوله: سلام: من لفظ الخيال. يقول: لولا أن الخيال بخيل بما نريد وإن معه خوفًا من هجرانه لقلت: أبو حفص المسلم علينا من عظم فرحي بذلك.
وقوله:
محب الندى الصابي إلى بذل ماله ... صباءً كما يصبو المحب المتيم
يقول: أبو حفص يصبو إلى بذل ماله كما يصبو المحب المتيم إلى من يحب. يقال: صبا يصبو صبوًا وصبى بكسر الساد والقصر, وصباءً بفتحها والمد.
وقوله:
يجل عن التشبيه لا الكف لجة ... ولا هو ضرغام ولا الرأي مخذم
يقول: هذا الممدوح يجل عن التشبيه بالأشياء؛ لا كفه لجة؛ أي كفه أعظم جودًا.
والأسد وهو الضرغام يحتقر عنده, ولأنه أمضى من السيف المخذم؛ أي القاطع؛ فمن شبهه بهذه الأشياء فقد ظلمه.
وقولهك
ولا يبرم الأمر الذي هو حالل ... ولا يحلل الأمر الذي هو مبرم
يقال: أبرمت الأمر إذا أحكمته. وأصل ذلك من فتل الحبل. وبعض الناس يعيب عليه حالل, لأنه أظهر التضعيف, وتلك ضرورة, ولو وضع مكانها ناقضًا لسلم من الضرورة. ويجوز أن يكون الشاعر فعل ذلك لينكر عليه فيعلمهم أنه عالم بالضرورات. فأما قول ابن أم صاحب:[البسيط]