مهلًا أعاذل قد جربت من خلقي ... أني أجود لأقوامٍ وإن ضننوا
فإنه احتاج إلى إظهار التضعيف لأنه أراد أن يقابل الجود بالضن, وكذلك قول زهير:[الكامل]
لم يلقها إلا بشكة باسلٍ ... يخشى الحواث حازمٍ مستعدد
وقوله:
ولا يرمح الأذيال من جبريةٍ ... ولا يخدم الدنيا وإياه تخدم
أصل الرمح في الخيل, يقال: رمحه الفرس إذا ضربه برجله, ثم استعارواة ذلك في غير الخيل؛ فقالوا للمرأة التي تسحب أذيالها: هي ترمح ذيلها, وكذلك يقولون للرجل المتكبر إذا سحب ذيله.
وقوله:
ولا يشتهي يبقى وتفنى هباته ... ولا تسلم الأعداء منه ويسلم
قد كثر في شعر أبي الطيب حذف «أن» في مواضع إثباتها فيها أحسن كقوله: ولا يشتهي يبقى, أراد: أن يبقى, وقوله: وقبل يرى من جوده, أي: قبل أن يرى, وقوله: ويمنعها الحياء تميسا؛ أي: أن تميس, وغير ذلك. والمجيء بها أحسن وأقوى للفظ.
يقول: هذا الممدوح لا يشتهي أن يسلم ويسلم أعداؤه؛ ولكن يريد أن يسلم في نفسه ويهلك جميع أعدائه.
وقوله:
وأغرب من عنقاء في الطير شكله ... وأعوز من مسترفدٍ منه يحرم
قد مضى ذكر العنقاء في أول الكتاب. يقول: شكله مفقود كما فقدت عنقاء مغرب. وأعوز من مسترفدٍ حرمه لأنه لا يحرم أحدًا استرفده؛ أي أعطاه الرفد أي العطية.