وقوله:
بكيت عليها خيفةً في حياتها ... وذاق كلانا ثكل صاحبه قدما
يقول: كنت أعلم أني لا بد لي من فراقها فكنت أبكي عليها, والفراق لم يكن.
وكانت هي من إشفاقها علي كأنها ثاكلة, وهذا نحو من قوله: [الخفيف]
من رآها بعينها شاقه القطا ... ن فيها كما تشوق الحمول
وقوله:
ولو قتل الهجر المحبين كلهم ... مضى بلد باقٍ أجدت له صرما
ادعى أن البلد الذي كانت فيه محب لها لما كانت عليه من الطاهرة وفعل الخير. وهذه الدعوى باطلة, ولكنها تجوز في أحكام الشعر.
وقوله:
منافعها ما ضر في نفع غيرها ... تغذى وتروى أن تجوع وأن تظما
يقول: هذه المرأة كانت ترى أنها تنتفع بنفع غيرها وإن كان نفعها إياه يضرها. والمراد: أنها كانت تطعم المساكين وتجوع وتظمأ وظمؤها في نفسها ري؛ وكأن هذا مأخوذ من قوله تعالي: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}.
وقوله:
أتاها كتابي بعد يأسٍ وترحةٍ ... فماتت سرورًا بي فمت بها هما
الترحة: الحزن, قال الشاعر: [الطويل]
وما فرحة إلا ستعقب ترحةً ... ولا عامر إلا قريبًا سيخرب
والأطباء يقولون: إن السرور إذا زاد جاز أن يقتل.
وقوله:
تعجب من خطي ولفظي كأنها ... ترى بحروف السطر أغربةً عصما
العصم: جمع أعصم, ويقال للغراب إذا كانت فيه ريشة بيضاء: أعصم. وأصل العصمة