وقد يتوجه لهذا البيت أن يكون على غير ما ذهبوا إليه, ويكون قوله: في درعها الفضفاض أبيض؛ أي في درعها جسد مبيض من أخت بني إباض؛ فيكون أبيض وصفًا بالبياض, وتكون «من» ها هنا كما تقول للرجل: لك من فلانٍ صديق. وكذلك البيت المنسوب إلى طرفة: [البسيط]
إذا الرجال شتوا واشتد أكلهم ... فأنت أبيضهم سربال طباخ
يريد: أنت مبيضهم؛ أي ثوبك أبيض, ولا يريدون أن ثوبه أشد بياضًا من ثيابهم, وإنما هو كما تقول: هذا كريم من بني فلان, أي: أنت كريم, وأنت منهم. ونحو هذه الأبيات في أن أفعل لا يراد به التفضل قول القائل: [الطويل]
وأعنق من أولاد ذروة لم أجئ ... بإعطائه عارًا ولا أنا نادم
لم يرد أنه أطول عنقًا من أولاد ذروة, وإنما أراد أنه طويل العنق, وأنه من أولاها.
وقوله:
بحب قاتلتي والشيب تغذيتي ... هواي طفلًا وشيبي بالغ الحلم
تم الكلام عند قوله: تغذيتي, ثم فسر النصف الأول بالنصف الثاني, فقال: هواي طفلًا. جعل هواي دالًا على الفعل كأنه قال: هويت طفلًا, ونصب طفلًا على الحال. وقوله: وشيبي بالغ الحلم؛ أي شبت حين بلغت الحلم, والنصب في: بالغ الحلم كالنصب في: هويت طفلًا على الحال.
وقوله:
تنفست عن وفاءٍ غير منصدعٍ ... يوم الرحيل وشعبٍ غير ملتئم
أصل الانصداع: الانشقاق. يقول: وفاء هذه المذكورة لم يحدث فيه عيب. قال الشاعر: [الطويل]