الإنسانية؛ وكذلك قولهم: طاغوت. والنحويون يذهبون إلى أن الطاغوت أصله: طيغوت أو طغووت؛ فقلبت عين الفعل ألفاً. وأقيس من هذا القول أن يكون طاغوت على فاعولٍ لأنهم قد حكوا: طغيت وطغوت؛ فكأنه في الأصل: طاغو فقلبت الواو الآخرة تاءً كما قلبت في تخمةٍ وهي من الوخامة, وتراثٍ وهو من ورث.
وقوله:
ويهم فيك إذا نطقت فصاحةً ... من كل عضوٍ منك أن يتكلما
في يهم ضمير يعود على النور, ويجوز أن تكون فصاحة منصوبةٍ على التمييز, وأن تكون مفعولًا لنطقت ومفعولًا له. يقول: يهم هذا النور أن يتكلم من كل عضوٍ فيك, ولا يقتصر على اللسان دون الأعضاء كلها.
وقوله:
أنا مبصر وأظن أني نائم ... من كان يحلم بالإله فأحلما
قال: أنا مبصر؛ أي أرى الشيء على حقيقته, وكأني في نوم, والنائم ليس بصره بثابتٍ. وتم الكلام في النصف الأول, ثم فسر الغرض بقوله: من كان يحلم بالإله فأحلما. من ها هنا: استفهام, ونصب أحلم لأنه جواب؛ وهذا كما تقول: من أمكنه أنيطلع إلى النجوم فأطلع إليها؛ أي إن ذلك أمر لا يستطاع.
وقوله:
كبر العيان علي حتى إنه ... صار اليقين من العيان توهما
قال: كبر بضم الباء في معنى عظم, وكبر بكسر الباء في معنى أسن. يقول: نظرت إلى شيء ولم أر مثله, ولم تجر العادة أن يصل إليه الإنسان؛ فاستعظمت ذلك حتى ظننت يقيني توهمًا.
وقوله: (٢١٣/ب)
حتى يقول الناس ماذا عاقلًا ... ويقول بيت المال ماذا مسلما
عظم الممدوح تعظيمًا يجب معه أن لا يكون خاطبه بقوله حتى يقول الناس: ماذا عاقلًا؛ وإنما تبع في ذلك الحكمي في قوله: [مجزوء الرمل]