للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يحس بأجفانٍ يحس بها ... فقد الرقاد غريب بات لم ينم

أتبع البيت بقوله: ولا يحس بأجفانٍ يحس بها الغريب فقد النوم, فنحن إذا ساريناه نظلم أنفسنا بذلك؛ لأنا نباري ما لا طاقة لنا به.

وقوله:

تسود الشمس منا بيض أوجهنا ... ولا تسود بيض العذر واللمم

وكان حالهما في الحكم واحدةً ... لو احتكمنا من الدنيا إلى حكم

قوله: تسود الشمس منا بيض أوجهنا نحو من قوله: [الخفيف]

صحبتنا على الفلاة فتاة ... عادة اللون عندها التبديل

زعم أن الشمس تسود الوجوه البيض, وتترك بيض العذر واللمم بيضاً لا تغيرهن عن حال الشيب, وهذا معنى لم يسبق إليه, وقد استوفاه وجاء به في نهاية الشرف؛ إلا أن حال الوجوه - في الحقيقة - ليس كحالة اللمم؛ لأن الوجوه فيها ماء ورطوبة تنال منهما الشمس, والشعر ليس في شيء من ذلك.

وقوله:

ونترك الماء لا ينفك من سفرٍ ... ما سار في الغيم منه سار في الأدم

يقول: نرد الغدران التي ملأها السحاب فنجعل ماءها في المزاد؛ فالماء معنا مسافر؛ فتارةً يسير في الغيم, وتارة يسير في الأدم, أي ما معهم من المزاد والأداوى, وهذا معنى مستغرب. وقد كانت العرب تكابد الشدة من فقد الماء في السفر؛ لأن السموم يأتي على ما في المزاد من الماء. قال الشاعر: [البسيط]

ما أنس لا أنس إعمالي بمهلكةٍ ... والشمس توقد جمرًا دائم الضرم

لما فزعنا إلى ما في مزايدنا ... والهوف قد شربت مستودع الأدم

الهوف: ريح حارة تأتي من قبل اليمن, وكانوا لخوفهم من ذلك يظمئون الإبل ويوردونها الماء مرةً بعد مرة ويركبون بها المفاوز؛ فإذا عدموا الماء بقروا بطونها فشربوا ما يجدون فيها. قال زيد الخيل: [الوافر]

<<  <   >  >>