قد بلغوا بقناهم فوق طاقته ... وليس يبلغ ما فيهم من الهمم
يريد أنهم قد حطموا قناهم فكلفوه ما لا يطيق ولم يبلغ هممهم؛ لأنهم لم يرضوا لأنفسهم بما أتوه, بل يرومون ما هو أعظم.
وقوله:
في الجاهلية إلا أن أنفسهم ... من طيبهن به في الأشهر الحرم
يقول: هؤلاء الغلمة كأنهم في الجاهلية, إلا أن أنفسهم من طيبها بالقنا كأنها في الأشهر الحرم؛ لأنها آمنة بالرماح. والهاء في به راجعة إلى القنا, والتذكير أشبه من التأنيث, والوجهان جائزان. ويقال: طابت نفسه بالشيء طيباً, ويزعمون أن قول الناس: فعل ذلك بطيبة نفسه خطأ, وإنما الصواب بطيب نفسه. وكانت العرب في الجاهلية تعظم الأشهر الحرم ولا تسفك فيها الدم, وهي ثلاثة سرد وواحد فرد؛ فالسرد ذو القعدة وذو الحجة والمحرم, والفرد رجب.
وقوله:
ناشوا الرماح وكانت غير ناطقةٍ ... فعلموها صياح الطير في البهم
يقول: ناشوا الرماح؛ أي تناولوها, ولو كانت لا تنطق - يعني بالنطق الصوت لا الكلام - فعلموها صياح الطير لما طعنوا بها فسمع لها صوت فجعله لها كالنطق. قال الشاعر:[المنسرح]
تصيح فيهم سمر الرماح كما ... صاح دجاج المدينة السحرا
وقال آخر:[الطويل]
تصيح الردينيات فينا وفيهم ... صياح بنات الماء أصبحت جوعا
قيل: أراد ببنات الماء طيراً من طير الماء واحدها ابن ماءٍ. قال ذو الرمة:[الطويل]