الشجاعة؛ لأنه أصل يتفرع منه كل المحمودات, وجعل الشجاعة ثانية له.
وقوله:
فإذا هما اجتمعا لنفسٍ مرةٍ ... بلغت من العلياء كل مكان
يعني بالنفس المرة: الشديدة التي لا تقبل الضيم, وكأن المر مأخوذ من اشتداد الكراهة فيه, كما أن المرة هي الشديدة من قوى الحبل؛ يقال: أمر الشيء فهو ممر, وهي اللغة العالية. ويقال: فلا يحلي ولا يمر؛ أي ليس عنده خير ولا شر؛ فهو لا يأتي بحلاوة ولا مرارة. قال الشاعر: [الطويل]
أمر على أفواه من ضاق طعمه ... مطاعمنا يمزجن صاباً وعلقما
وقوله:
لولا العقول لكان أدنى ضيغمٍ ... أدنى إلى شرفٍ من الإنسان
أدنى في هذا البيت على معنيين:
أما الكلمة الأولى فهي مأخوذة من الدناءة, وهي ضد الشرف, وأصله الهمز.
وأما الكلمة الثانية فهي من الدنو الذي هو ضد البعد.
يقول: لولا العقول لكان أقل الأسد بأساً أقرب إلى الشرف من الإنسان لأنه أجرأ منه.
وقوله:
لولا سمي سيوفه ومضاؤه ... لما سللن لكن كالأجفان
يقول: لولا سيف الدولة ومضاؤه في الحروب لكانت نصال سيوفه مثل أجفانها لا يسفك بها دم ولا تهاب. والمعروفة في جفن السيف أنه مفتوح الجيم وقد حكي بالكسر.
وقوله: (٢٢٢/ب)
وسعى فقصر عن مداه في العلى ... أهل الزمان وأهل كل زمان
قال: أهل الزمان يعني الذي فيه سيف الدولة. واقتنع لعلم السامع, ولولا أن الوزن ضاق لكان الواجب أن يبينه؛ لأنه إذا قال: أهل الزمان فهو لفظ يقع على الأزمنة كلها.