وقوله:
تخذوا المجالس في البيوت وعنده ... أن السروج مجالس الفتيان
تخذوا في معنى: اتخذوا, والضمير عائد على أهل الزمان الذين ذكرهم. يقول: اتخذ الناس المجالس في البيوت, وعند هذا الممدوح أن السروج مجالس القوم الفضلاء.
والفتيان: واحدهم فتى, وأصل ذلك أن يقال للشاب المقتبل, ثم خصوا به من فيه شجاعة أو جود, كما يقولون: فلان إنسان إذا وصفوه بالخير والفضل. والمعنى أنه إنسان يفضل غيره, وكذلك قولهم: فلان رجل؛ يريدون أنه أفضل الرجال. ونحو من هذا قول طرفة: [الطويل]
إذا القوم قالوا من فتى خلت أنني ... عنيت فلم أكسل ولم أتبلد
وقد علم أن الفتيان كثير؛ وإنما المراد: من فتى فيه شجاعة وبأس.
وقوله:
قاد الجياد إلى الطعان ولم يقد ... إلا إلى العادات والأوطان
كل ابن سابقةٍ يغير بحسنه ... في قلب صاحبه على الأحزان
يقول: قاد الممدوح الجياد كما جرت عادته بذلك. ثم قال: كل ابن سابقةٍ؛ ووصعه بحسن المنظر, وزعم أنه إذا رآه من يملكه فرح به وذهب الحزن من قلبه, فكأن الفرس أغار على الحزن وذهب به.
وقوله:
إن خليت ربطت بآداب الوغى ... فدعاؤها يغني عن الأرسان
هذا مثل قوله: [الطويل]
وأدبها طول القتال فطرفه ... يشير إليها من بعيد فتفهم
واضطرته القافية إلى الأرسان, ولو وصفها بالغناء عن اللجم لكان ذلك أبلغ في صفتها بالأدب.