للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله:

في جحفلٍ ستر العيون غباره ... فكأنما يبصرن بالآذان

معنى هذا البيت مفهوم؛ يريد أن الغبار منع عيونها من أن تبصر فهي تسمع الأصوات بآذانها وتفعل ما يقتضيه الصوت فكأنها تبصر بهن. وذهب بعض المتكلمين في شعر أبي الطيب إلى أن الغبار وقع على عيون الخيل فثقلت أجفانها حتى صارت كالآذان. وهذا ليس بشيء.

وقوله:

فكأن أرجلها بتربة منبجٍ ... يطرحن أيديها بحصن الران

يصفها بالسرعة وسعة الخطو؛ فكأن أرجلها تطرح أيديها على مسافة بعيدة.

وقوله:

حتى عبرن بأرسناس سوابحاً ... ينشرن فيه عمائم الفرسان

أرسناس: نهر, ويجوز أن يكون موضعاً فيه ماء. وكان سيف الدولة عبر بأرسناس بين شجر ملتف في طريق ضيق؛ فحدث من شهد ذلك الموضع أنه رأى عمامة أبي الطيب وقد علقت في شجرة, ولم يمكنه التوقف لأن وراءه فرساناً؛ فجعل يسير والعمامة تنتشر إلى آخرها.

وقوله:

يقمصن في مثل المدى من باردٍ ... يذر الفحول وهن كالخصيان

يقمصن: يعني الخيل. والقمص أن يرفع يديه ورجلاه على الأرض, أو يرفع رجليه ويداه غير مرفوعتين. والماء البارد إذا سبح فيه السابح من بني آدم تقلص صفنه, وهو الجلد الذي يجمع البيضتين, وإن كان فرساً تقلص قنبه.

وقوله:

والماء بين عجاجتين مخلص ... تتفرقان به وتلتقيان

يعني أن الماء قد صار في جانبيه عجاجتان, وكأنه يخلص بينهما؛ لأنه ليس يشاكلهما في اللون ولا الخلقة (٢٢٣/أ) فتارة تفترق العجاجتان وتارة تلتقيان.

<<  <   >  >>