يقول: هذا البحر كانت عادته أن يذم لأهله من الدهر وطوارق الحدثان فتركته إذا أذم, خاف من الغدر فراعاك واستثنى قومك؛ كأنه قال: أذم لكم إلا من آل حمدان.
وقوله:
المخفرين بكل أبيض صارمٍ ... ذمم الدروع على ذوي التيجان
المخفرين من قولهم: أخفر الرجل غيره إذا نقض عهده؛ فوصف بني حمدان بأنهم يخفرون ذمم الدروع لأنه جعل الدرع المعطية لابسها الذمام, وسيوف هؤلاء تخفر ذممها إذا لبسها ذوو التيجان.
وقوله:
متصعلكين على كثافة ملكهم ... متواضعين على عظيم الشان
يقول: هؤلاء القوم ملوك, وهم في الحروب يتشبهون بالصعاليك لأنهم يباشرونها بأنفسهم. والصعلكة تستعمل في قلة المال وقلة اللحم. قال أبو دواد الإيادي في صفة الخيل:[الخفيف]
قد تصعلكن في الربيع وقد قلـ ... لص جلد الفرائص الأقدام
وذكر الشاعر أنهم يتواضعون على عظم شأنهم. والتواضع يحمد عليه من محله مرتفع.
وقوله:
يتقيلون ظلال كل مطهمٍ ... أجل الظليم وربقة السرحان
لما وصفهم بالتصعلك عرض بأن الملوك يتقيلون عند الهاجرة في القصور والمنازل الباردة, وأن هؤلاء القوم يتقيلون؛ أي يكونون وقت الهاجرة في ظلال الخيل. يقال: قال وتقيل إذا أقام في الهاجرة فلم يبرح مكانه, فإن شرب في ذلك الوقت سمي الشراب قيلًا. وقيل: تقيل الشارب إذا شرب القيل, وفي الكلام المحكي عن أم تأبط شراً في صفة ابنها لما هلك: