خف الزمان على أطراف أنمله ... حتى توهمن للأزمان أزمانا
ادعى للمدوح أنه يجعل الزمان على أطراف أنامله ويكون خفيفًا عليهن حتى كأنهن أزمان للأزمان؛ وهذه مبالغة مسرفة لأن أقل جزءٍ من الزمن يشتمل على كل المدركات, وإذا احتوى عليه شيء فقد أتى بالمعجز من الأشياء.
وقوله:
وتسحب الحبر القينات رافلةً ... في جوده وتجر الخيل أرسانا
وصفه بالجودعلى كل الخلق وأن الحبر تجره القينات - أي الإماء - وإنما هو من عطاياه. وجعل الخيل تسحب أرسانها في ملكه؛ فيجوز أن يعني بذلك أنها تترك وشأنها فلا ترتبط فهي تسحب الأرسان لذلك. وهذا الوجه أبلغ من أن يصفها بطول الأرسان المانعة لها من التصرف.
وقوله:
جزت بني الحسن الحسنى فإنهم ... في قومهم مثلهم في الغر عدنانا
كان هذا الممدوح ينتسب إلى الحسن بن علي عليه السلام. يقول: جزتهم الحسنى فإنهم أشراف في قومهم. والهاء في مثلهم راجعة على القوم. يخبر أنهم أشراف قومهم, وأن قومهم أشراف بني عدنان. واشتقاق عدنان من عدن بالمكان إذا أقام به.
وقوله:
ما شيد الله من مجد لسالفهم ... إلا ونحن نراه فيهم الآنا
ما شيد الله؛ أي ما رفع. يقول: ما رفع الله من مجدٍ لسالف هؤلاء القوم فبلغنا بالسماع إلا ونحن نشاهده عيانًا فيهما لآن. والآن: كلمة شاذة لأنها تبنى على الفتح, وفيها الألف واللام, والنحويون يقولون: الآن حد الزمانين. وبيت أبي صخر ينشد بالفتح:[الطويل]
كأنهما م الآن لم يتغيرا ... وقد مر بالدارين من بعدنا عصر