أخلت مواهبك الأسواق من صنعٍ ... أغنى نداك عن الأعمال والمهن
الصنع: كل من يباشر صناعةً كالحديد والصياغة وجميع الأشياء. فادعى الشاعر أن مواهب الممدوح قد أغنت الصناع عن الصنائع وأن يخدم بعض الناس بعضاً. والمهن: جمع مهنةٍ وهي الخدمة, وقال بعض أهل العلم: المهنة (٢٣٢/ب) بفتح الميم أفصح, وأما المهن فجمع مهنةٍ بكسر الميم.
وقوله:
فمر وأوم تطع قدست من جبلٍ ... تبارك الله مجري الروح في حضن
مر: أمر من أمر يأمر, وهو أحد الحروف التي جاءت شاذةً لأن الأصل أن يقال: أومر؛ فاستثقلوا ذلك فحذفوا الهمزة الأصلية والزائدة, وردوها مع الواو والفاء؛ فقالوا: قل وأمر بما شئت, وفي الكتاب العزيز:{وأمر أهلك بالصلاة} , وقالوا: خذ وكل فلم يردوا الهمزتين إذا اتصل بهما كلام.
وقدست من جبل: أصل القدس الطهارة, وهذا اللفظ يحتمل أن يكون دعاءً زخبراً, ومذهب الشاعر أن يجعله إخباراً لأن الدعاء بالشيء إنما يكون قبل كونه, والإخبار يكون مع الوقوع والحضور. فقوله: قدست من جبلٍ إنما هو في معنى: قد كان ذلك. وإذا دخلت «قد» في الكلام الذي يحتمل أن يكون دعاءً وخبراً صيرته للخبر لا غير.
وحضن: اسم جبل بنجد. ومن أمثالهم:«أنجد من رأى حضناً»؛ أي: من رأى هذا الجبل فقد حصل بنجدٍ, ويقال ذلك للرجل الذي قد بلغ حاجته, وإن كان ليس في بلاد نجد ولا قريباً من حضن. وقافيتها من المتراكب.