للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليت الذي خلق النوى جعل الحصى ... لخفافهن مفاصلي وعظامي

وذكر أن البين مؤتمن عليه, لأنه سالٍ لا يلحقه من البين ضرر, ثم شرح ما ادعاه في هذا البيت بقوله:

ما في هوادجكم من مهجتي عوض ... إن مت شوقاً ولا فيها لها ثمن

يقول: سلوت عنكم كأن هوادجكم ليس لي فيها عوض من نفسي وإن هلكت شوقاً, وليس في الهوداج ثمن لها. والهودج كلمة قد تكلمت بها العرب قديماً؛ ويجوز أن يكون اشتقاقها من الهدجان والهداج وهو مشي متقارب الخطو. قال الشاعر: [الوافر]

ويأخذه الهداج إذا هداه ... وليد الحي في يده الرداء

فكأنهم أرادوا بالهودج أنه إذا حمل على البعير وركبت فيه المرأة ثقلت عليه فهدج تحتها.

وقوله:

قد كان شاهد دفني قبل قولهم ... جماعة ثم ماتوا قبل من دفنوا

هذا البيت فيه تهزؤ بالناعين له. يقول: زعموا أني دفنت ثم ماتوا قبلي. وقوله: دفنوا إنما يريد أنهم قالوا ذلك لأن المعنى يصح على هذا التأويل, وإذا قال الرجل: قتل فلان ثم علم أنه حي جاز أن يقال له: لم قتلته؛ أي لم قلت ذلك اللفظ.

وقوله: (٢٣٣/ب)

رأيتكم لا يصون العرض جاركم ... ولا يدر على مرعاكم اللبن

قالوا: يدر ويدر إذا غزر وكثر, وهذا مثل ضربه بدر اللبن؛ وإنما جعله كناية عن الخير؛ أي مرعاكم لا يدر عليه اللبن؛ أي: إذا أصيب منكم خير لم تكن له عاقبة تحمد.

وقوله:

جزاء كل قريبٍ منكم ملل ... وحظ كل محب منكم ضغن

أي: إذا قرب الإنسان منكم مللتموه, وتجازون محبكم بأن تضطغنوا عليه. والضغن والضغن واحد.

<<  <   >  >>