ولكن الفتى العربي فيها ... غريب الوجه واليد واللسان
ذهب بعض الناس إلى أن اليد في هذا البيت: النعمة, وإنما أراد: أن العرب تخالف العجم في خلقها ولفظها, لأن وجوههم بينة من وجوه العرب, ولحاهم صهب وشقر. وكان مرو أبي الطيب بالكرد وأيديهم لا تشبه أيدي العرب لأنها غلاظ جعدة.
وقوله:
ملاعب جنةٍ لو سار فيها ... سليمان لسار بترجمان
أراد أن أهلها كأنهم جن, ولم يرد أن الجن تلعب فيها؛ لأن المكان يوصف بذلك إذا كان خالياً. وقد وصف الشاعر هذا الموضع وصف آهل أي كثير الأهل. وفي البيت مبالغة عظيمة لأنه مشهور في الناس أن سليمان كان يعرف منطق الطير؛ فقال: لو سار في هذه البلاد سليمان لاحتاج إلى ترجمان. والتاء في ترجمان تفتح وتضم, والضم أقيس لأن فعللان بفتح الفاء وزن معدوم.
وقوله:
طبت فرساننا والخيل حتى ... خشيت وغن كرمن من الحران
في طبت ضمير يعود على المغاني, يقال: طباه الشيء يطبيه ويطبوه إذا دعاه إليه بحسنه. ويقال: طبا الكلب العظم ونحوه إذا دعاه إلى عرقه. قال الشاعر:[الطويل]
جليلة ضاحي الجسم ليست بغثةٍ ... ولا دفنسٍ يطبي الكلاب خمارها
وقال كثير:[الطويل]
له نعل لا يطبي الكلب ريحها ... وإن وضعت بين المجالس شمت
حرك عن نعل. والمعنى: أن هذه المغاني دعت فرساننا والخيل المركوبة إلى المقام لما شاهدته من طيب الموضع؛ فخشيت وإن كانت خيلنا كريمةً أن يدركها حران فلا تسير.