جعل الجود عيناً والممدوح ناظرها, وهذا معنى قد صنعه بعض الشعراء, ويجوز أن يكون بعد أبي الطيب, وهو: [الكامل]
الناس حمير والبراجم وجهها ... وأبوك مقلتها وأنت الناظر
البراجم: قبيلة من حمير. والباع من قولهم: مد فلان باعه إذا مد عضديه وذراعيه عن يمينٍ شمال. والفرس يبوع في مشيه وجريه إذا كان واسع الخطو. قال أبو دواد: [الخفيف]
وتمطى بوعاً كما يتمطى ... حبشي بحربة مظلوم
ويقال: فلان من أهل الباع؛ أي من أهل القوة والقدرة على الأشياء. قال المسيب بن علسٍ: [الكامل]
ولذاكم علمت معد أنه ... أهل الحفيظة والندى والباع
وقوله:
أفدي الذي كل مازقٍ حرجٍ ... أغبر فرسانه تحاماه
المازق: أصلها الهمز, وكان حقه أن يجيء بفتح الزاي لأنه من: أزق يأزق إذا ضاق, وهو المقام الضيق في الحرب. قال زهير: [البسيط]
كان إذا ما تلاقى القوم في رهجٍ ... تحبسه النجدات المحبس الأزقا
فهذا يدل على أن الماضي: أزق؛ فجاء المأزق شاذاً كما قالوا: المحمدة, وهي من: حمد يحمد. والمعنى: أن فرسان كل مأزقٍ أغبر تحامى عن هذا الممدوح وتكره أن تلقاه.
وقوله:
أعلى قناة الحسين أوسطها ... فيه وأعلى الكمي رجلاه
أراد: أنه يطعن الكمي فتنفذ فيه القناة وينحطم صدرها وقد نفذ إلى الجانب الآخر,