أحدهما: أن يكون أنها كلما ابتسمت أخذه البكاء؛ لأنه يخاف من الفراق أو تغير النية فيكون المعنى كقوله: ظلت أشكو وتبسم
والآخر: أن تكون تقبله فيصيب خديه شيء من الريق, وإن قل. ويقوي هذا البيت قوله: فقبلت ناظري.
وقوله:
ما نفضت في يدي غدائرها ... جعلته في المدام أفواها
هذا البيت يحتمل وجهين:
أحدهما: أن تكون «ما» في معنى الذي وهي مبتدأ, وخبرها قوله: جعلته, وما بعده إلى آخر البيت. والآخر: أن تكون «ما» في معنى الجزاء وتنتصب بنفضت, وتكون نفضت في موضع جزمٍ لأنها شرط, وقوله: جعلته: جزاء. وأفواه الطيب واحدها: فوه.
وقوله:
لقيننا والحمول سائرة ... وهن در فذبن أمواها
الحمول: السائرون من قولهم: احتملوا عن الدار إذا ارتحلوا عنها. وهو اسم جامع يجوز أن يجمع الرجال والنساء وما حمل من المتاع. وقوله: وهن در فذبن أمواها؛ شبه النساء بالدر. ونصب أمواهٍ يحتمل أن يكون مفعولًا, وأن يكون حالًا, ويجوز أن يعني أنهن استحيين فذبن من الحياء على معنى المبالغة؛ والمراد: كدن يذبن؛ أي قاربن, ويجوز أن يعني أنهن بكين فجعل بكاءهن كالذوب.
وقوله: (٢٤٠/أ)
في بلدٍ تضرب الحجال به ... على حسانٍ ولسن أشباها
وقد مر ذكر الحجال, وقوله: الحسان ولسن أشباها؛ أي بعضهن أفضل من بعض؛ وكأنه فضل التي ذكر عليهن؛ فقال:
كل مهاةٍ كأن مقلتها ... تقول إياكم وإياها
فيهن من تقطر السيوف دماً ... إذا لسان المحب سماها
يقول: كأن مقلتها تخذرنا منها فتقول: إياكم وإياها؛ أي احفظوا نفوسكم وملا تلحظوها, فإن ذلك مؤد لكم إلى الهلاك. ووصف قومها بالغيرة, وإن سماها المحب هموا