وللنفس أخلاق تدل على الفتى ... أكان سخاءً ما أتى أم تساخيا
هذا المعنى يتردد في الشعر, وهو مثل قول القائل:[البسيط]
كل امرئٍ عائد يوماً لشيمته ... وإن تخلق أخلاقاً إلى حين
يقول: إن نفس الإنسان لها أخلاق تدل عليه: أسخي هو أم متشبه بالأسخياء.
وقوله:
أقل اشتياقاً أيها القلب ربما ... رأيتك تصغي الود من ليس جازيا
الأجود كسر اللام في أقل, وفتحها جائز. يأمر قلبه أن يدع الشوق إلى غير مجازٍ بالمودة, وهذا تعريض كالتصريح؛ لأنه أتبع كلامه بما بينه, وذكر أنه جيد له جود غير هني فنهى قلبه عن الحنين إلى من هذه صفته.
وقوله:
خلقت ألوفاً لو رحلت إلى الصبا ... لفارقت شيبي موجع القلب باكيا
هذا البيت شرح لما قبله, وهو دليل على أنه لمن فارق ذام؛ لأنه جعله كالشيب. وقال: لو فارقت الشيب الذي هو ذميم برحيلٍ إلى الصبا الذي هو أفضل حياة الإنسان؛ لكان ذلك الفراق موجعاً للقلب مبكياً للعين. وقد وصف نفسه في هذا البيت بوفاءٍ لم يسمع بمثله قط.
وقوله:
ولكن بالفسطاط بحراً أزرته ... حياتي ونصحي والهوى والقوافيا
أزرته: أفعلته من الزيارة, ويعني بالبحر: الممدوح. والعرب تصف بالبحر الرجل الكريم, وكذلك الفرس الجواد. وركب النبي صلى الله عليه فرساً وقال:«وجدته بحراً». وقال الشاعر في صفة الكرام بالبحور:[الخفيف]