فلدته عرى الأمور نزار ... قبل أن تهلك السراة البحور
وقوله:
وجرداً مددنا بين آذانها القنا ... فبتن خفافاً يتبعن العواليا
الخيل توصف بالجرد وهي أن تكون قليلة الشعر. ووصف أنه مد القنا بين آذان الخيل فهي تتبع العوالي, وهذا نحو من قولهم: يطرد الزج في صفة الفرس, ويباري شباة الرمح, وقد مر ذكر ذلك.
وقوله:
تماشى بأيدٍ كلما وافت الصفا ... نقشن به صدر البزاة حوافيا
البزاة: جمع بازٍ وهو هذا الطائر المعروف, وهذه كلمة أخذها الشاعر من كلام العامة؛ لأن النساء يقلن:«نقشتها الناقشة صدر البزاة». يقول:[الخيل] إذا وطئت الأرض وهي غير منعلةٍ نقشت في صفا الأرض نقشاً ذلك المذكور. وقد اقتصر في هذا الوصف لأنه شبه في الأخرى تشبيه آثار الخيل بآثار قلع الحلي من المناطق, وزعم أنه إذا عدا غادر آثاراً كالخنادق؛ وهذه مبالغة في شدة الوطء. ويحتمل أن يكون في هذا الموضع صفة بالخفة, وأنها لا تمكن الحوافر من الوطء.
وقوله:
وتنظرن من سودٍ صوادق في الدجى ... يرين بعيدات الشخوص كما هيا
(٢٤٤/ب) هذا بيت لم توصف العيون في النظر بمثله لأنه ادعى لها أنها ترى ما بعد من الشخوص على هيأته. ولم تجر العادة بذلك, وكلما بعد الشخص من الناظر صغر الشخص في العين, وعلى ذلك جاء الشعر القديم. قال النابغة:[الطويل]
سأربط كلبي أن يريبك نبحه ... وإن كنت أرعى مسحلان وحامرا
وحلت بيوتي في يفاعٍ ممنعٍ ... يخال به راعي الحمولة طائرا