والآخر أن يكون جلا من: جلوت الشيء؛ إذا كشفته وأظهرته.
وإذا نصب اللون فالمعنى أن المشيب جلا اللون الأسود عن لونٍ هدى كل مسلكٍ, يعني أن الشيب هداه إلى طرق الخير وفعله, وأن الشباب كان يضله ويستر عنه الفعل الأجمل, وشبهه بالضباب إذا انجاب عن ضوء النهار.
وقوله:
وعن ذملان العيس إن سامحت به ... وإلا ففي أكوارهن عقاب
الكلام يستغني عند قوله: وعن ذملان العيس, كأنه قال: أنا غني عن الأوطان وعن ذملان العيس, ثم ابتدأ كلامًا فقال: إن سامحت العيس بذملانها ركبتها وإلا تسامح به ففي أكوارهن عقاب؛ أي أنا أقدر من السير والتصرف في الأسفار على ما تقدر عليه العقاب.
وقوله:
وأصدى فلا أبدي إلى الماء حاجةً ... وللشمس فوق اليعملات لعاب
وصف نفسه بالصبر على العطش, وأنه لا يبدي لأصحابه أنه محتاج إلى الماء, وذلك إذا ذاب لعاب الشمس, واشتد الظمأ, قال الراجز:
وذاب للشمس لعاب فنزل ... وقام ميزان النهار فاعتدل
ويقال: ناقة يعملة, أي: قد أعملت في السفر, وقل ما (٢٧/ب) يقولون للذكر يعمل, وقد جاؤوا به في صفة الظليم جعلوه يعمل نفسه في السير.
وقوله:
وللخود مني ساعة ثم بيننا ... فلاة إلى غير اللقاء تجاب
الخود: الناعمة الجسم, وجمعها: خود, وقد جاءت أحرف على فعلٍ وتجمع على فعلٍ؛ قالوا: فرس ورد وخيل ورد, ورجل ثط وقوم ثط, وسقف وسقف, ورهن ورهن, وصدق؛