يقول: رماني بسهم عذبني ولم يقتلني, والسهام تريح؛ أي: بعضها يصمي الرمية, وهذا نحو من قوله النابغة:[الكامل]
في إثر غانيةٍ رمتك بطرفها ... فأصاب قلبك غير أن لم تقصد
والمشهور من كلامهم: أصابه السهم, وقد حكي: صابه, فإن أخذ من قولهم: صابتهم السحابة؛ إذا أمطرتهم, فهو من ذوات الواو؛ لأنهم يقولون: صاب المطر يصوب, وقد حكي: صاب السهم يصيب.
وقوله:
قرب المزار ولا مزار وإنما ... يغدو الجنان فنلتقي ويروح
الجنان: القلب, سمي بذلك لاستتاره في الجسد, وكل كلمة في كلامهم مبنية من جيم ونون مشدودة فهي مأخوذة من: جننت الشيء؛ إذا سترته, فيجوز أن يعني غدو قلبه دون قلب صاحبه, ويحتمل أن يعني القلبين معًا؛ لأن الجنان يحتمل في هذا الموضع أن يعنى به الواحد والاثنان, وقالوا: جنان الليل, وجنونه, يعنون ظلامه؛ لأنه يستر, فهذا ضدر قولهم للقلب: جنان؛ لأن القلب سمي بذلك من قبل استتاره, وبيت دريدٍ ينشد على وجهين:
فلولا جنان الليل أدرك ركضنا ... بذي الرمث والأرطى عياض بن ناشب