للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لما ذكر المحض أضاف السنام إليه, وقال قوم: بل يذاب من السنام دهن فيخلط باللبن فيسقاه الإنسان. وقد يجوز مثل ذلك, ولا بأس بالوجه الأول؛ لأنهم يتسعون في المجاز والاستعارة.

والفرنجة: اسم أعجمي, والذين يقربون من تلك البلاد يقولون: إفرنجة بزيادة الهمزة في أولها, والشعراء يجترئون على تغيير الاسم المنقول إلى العربية فلا يحفلون كيف جاؤوا به.

وقوله:

تنكسهم والسابقات جبالهم ... وتطعن فيهم والرماح المكايد

يقال: نكس الفارس ونكت؛ إذا ألقاه عن فرسه على رأسه, وجعل الجبال ها هنا كالسابقات من الخيل؛ لأنهم يحلون بها فكأنهم فرسان عليها. والمكايد: جمع مكيدة, من قولهم: كاده إذا مكر به, ولا يجوز همز المكايد كما لا يجوز همز المعايش.

وقوله:

وتضربهم هبرًا وقد سكنوا الكدى ... كما سكنت بطن التراب الأساود

الهبر: ضرب يلقي هبرةً من اللحم؛ أي: قطعةٍ, والكدى: جمع كديةٍ, وهي الغلظ من الأرض.

يريد أن لهم مغارًا في الجبال والأماكن الغليظة, فهم يسكنونها من خوف الأسر والقتل, كما تسكن أساود الحيات بطن التراب. وإذا كان الاسم الذي على أفعل صفةٍ لم تقرب من الأسماء جمع على فعلٍ, مثل: أسود وسود, وأحمر وحمر, فإذا صار كالاسم للشيء جمع على أفاعل, من ذلك قولهم في جمع الأسود من الحيات أساود, ولا يقولون سود, ولا يستعملون قولهم: رجال أساود إلا في ضرورةٍ.

وقوله (٤٢/أ):

وتضجي الحصون المشمخرات في الذرى ... وخيلك في أعناقهن قلائد

المشمخر: المرتفع من الجبال, والذرى: جمع ذروةٍ, وهي أعلى الشيء, ويقال: ذروة بكسر الذال, والقياس يوجب أن يقال ذرى, كما يقولون في نصل السهم: سروة وسرًى.

<<  <   >  >>