ومن الزاد اشتق المزود. فأما المزاد فلا يمتنع أن يكون اشتقاقها من التزويد, والأقيس أن يكون من الزيادة. وكان القوم يكون معهم الزاد ويزادون الأسقية للسفر, ويقوي هذا المذهب قولهم في الجمع: مزايد, ولو كانت من ذوات الواو لوجب أن يقال: مزاود, كما يقال في جمع الملامة: ملاوم, وفي جمع مقامٍ: مقاوم, ولم يقولوا: مقايم ولا ملايم. ويروى للأخطل:[الطويل]
وإني لقوام مقاوم لم يكن ... جرير ولا مولى جريرٍ يقومها
ولقائل أن يقول: أصل مزادٍ من الزاد إلا أنهم آثروةا الياء في غالجمع ليفرقوا بين ما يحمل فيه الماء وبين ما يحمل فيه المأكول, كما قالوا: أعياد في جمع عيدٍ, وهو من ذوات الواو ليفرقوا بينه وبين أعوادٍ جمع عودٍ, ومعنى البيت هو الذي تقدم. ويجوز لقائل أن يدعي أنهم طمؤوا الإبل, وسقوها الماء ليستعينوا به في المفاوز إذا افتظوا كروشها عند شدة الظمأ, كما قال علقمة:[البسيط]
وقد أصاحب أقوامًا طعامهم ... خضر المزاد ولحم فيه تنشيم
فذكروا أنه يريد بخضر المزاد كروش الإبل التي يفتظون, ولما كان ذلك يستعمل مع اللحم المنشم جاز أن يجعله طعامًا. ومن هذا النحو قول القائل:[الكامل]
ضمنت لهم أرماقهم أسآرها ... وجرومها كأهلة المحل
وردوا بأرشية الحديد ففرجوا ... عن فائر الجنبات كالغسل